فسّرها وتأويلها أمر حقيقيّ لا اعتباريّ ، وعلى المصلَّي أن يتأدّب بآداب الصلاة بعد معرفة حكمتها وهدفها السامي حتّى ينال ذلك التأويل ، تنبّها بأنّ تعدّد تلك التكبيرات ليس من باب التأكيد ، بل كلّ منها يفيد معنى خاصّا غير ما يفيده الآخر ، كما أنّ تعدّد كلمة « وحده وحده وحده » ليس للتأكيد ، بل كلّ واحد منها ناظر إلى مرتبة خاصّة من التوحيد الذاتيّ والوصفيّ والفعليّ . وأما سائر ما اشتمل عليه هذا الحديث من أسرار الركوع والسجود و . فسيأتي البحث عنه في موطنه الخاصّ . والغرض : أنّ للتكبيرات الافتتاحية أسرارا ، وأنّ تلك الأسرار قد تحقّقت في المعراج ، وأنّها قد تجلَّت وتنزّلت إلى عالم التشريع والاعتبار ، وأنّها لا تختصّ برسول اللَّه صلَّى الله عليه وآله ، بل تعمّ كلّ مكلَّف يصلَّي ، وأنّ صلاة من لم يعلم تأويل تلك التكبيرات ناقصة . ثمّ إنّه قد ورد للتكبيرات السبع الافتتاحيّة أيضا أسباب وجهات ملكيّة لا تنافي ما تقدّم من الأسرار الملكوتيّة ؛ لأنّها في طولها لا في عرضها ، وذلك الأمر الملكيّ بأنّ رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وآله - كان في الصلاة والى جانبه الحسين ابن عليّ عليهما السّلام ، فكبّر رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - فلم يحر الحسين التكبير ، ثمّ كبّر رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - فلم يحر الحسين - عليه السلام - التكبير ، ثم كبّر رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - فلم يحر الحسين - عليه السلام - التكبير ، ولم يزل رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - فلم يحر الحسين - عليه السلام - التكبير ، فلم يحر حتّى أكمل - صلَّى الله عليه وآله - يكبّر ويعالج الحسين - عليه السلام - التكبير فلم يحر حتّى أكمل - صلَّى الله عليه وآله - سبع تكبيرات ، فأحار الحسين - عليه السلام - التكبير في السابعة ، فقال أبو عبد اللَّه : فصارت سنّة [1] . والشاهد على عدم المنافاة هو : أنّ المعراج كان بمكَّة قبل ميلاد الحسين بن عليّ عليهما السّلام ، وما نقل من قصّة الحسين - عليه السلام - متأخّر عمّا وقع في المعراج
[1] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 58 ، عن العلل والتهذيب .