نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 584
استسلم لهلكة الدّنيا والآخرة هلك فيهما . ( وبعد هذا كلام طويل تركنا ذكره خوف الإطالة والخروج عن الغرض المقصود فى هذا الباب ) . أقول : اراد بالإيمان : الايمان الكامل ، وله اصل وكمالات ، اما الأصل فهو : استكمال القوّة النظريّة للنفس بتصور الامور ، والتصديق بالحقائق النظريّة ، والعمل بقدر الطاقة البشريّة ، ويسمّى حكمة علمية . واما الكمالات فهى : التحلَّى بالملكات الفاضلة ومكارم الاخلاق ، فمنها : استكمال القوّة العمليّة للنفس بملكة العلم ، بوجود الفضائل الخلقيّة ، وكيفية اكتسابها ووجود الرذائل النفسانية وكيفية اجتنابها ، وتسمّى حكمة عملية ، وعبّر عن هذه الحكمة والتي قبلها باليقين : لانّها لا تسمّى حكمة ، حتى تصير هذه الكمالات ملكة للنفس ويقينا . ومنها العفّة وعبّر عنها بالصبر : لانّه من لوازمها ، ومنها الشجاعة وهى : ملكة الإقدام الواجب على الأمور التي تنبغى دفعها ومقاومتها ، وعبّر عنها بالجهاد : لملازمتهما . ومنها العدل وهو : ملكة فاضلة ينشأ عن الفضائل الثلاثة المذكورة ويلزمها . واستعار لهذه الأربع لفظ الدعائم : باعتبار قيام الايمان الكامل بها . ثمّ نبّه على ما يتشّعب عن هذه الدعائم من الفضائل ، ويكون كالنوع تحتها ، فالشوق الى الجنّة والاشفاق من النار والزهد فى الدنيا . وترقّب الموت يلزمها العفّة والصبر عن المحارم ، وتبصرة الفطنة واعمالها ، وتأوّل الحكمة وهو تفسيرها ، واستخراج الحقائق ببراهينها . والإتّعاظ عن العبر وملاحظة سنن الأوّلين حتى يصير كأنّه منهم . شعب اليقين وفروعه ، وبعضها كالفرع لبعض ، والفهم الغائض وغور العلم واقصاه ، وهو العلم بالشىء بحقيقته ، ونور الحكم اى : الاحكام الصادرة عنه نيّرة واضحة ، ويحتمل ان يريد بالحكم الحكمة ونورها ان يكون ملكة واضحة . ورساخة الحلم وهو : ان يصير ملكة من شعب العدل وفروعه . واعلم ، انّ فضيلتى جودة الفهم ، وغور العلم ، وان كانتا داخلتين تحت الحكمة ، وكذلك فضيلة الحلم ، داخلة تحت ملكة الشجاعة ، إلَّا ان العدل لما كان فضيلة موجودة فى الاصول الثلاثة ، كانت فى الحقيقة هى وفروعها شعبا للعدل . والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والصدق فى المواطن المكروهة . وشنآن الفاسقين أي : بغضهم المستلزم لعداوتهم وحربهم وجهادهم فى سبيل اللَّه من
584
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 584