responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 552


وألزم الحقّ من لزمه من القريب والبعيد ، وكن فى ذلك صابرا محتسبا ، واقعا ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع ، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه ، فإنّ مغبّة ذلك محمودة .
وإن ظنّت الرّعيّة بك حيفا فأصحر لهم بعذرك ، واعدل عنك ظنونهم بإصحارك ، فانّ فى ذلك رياضة منك لنفسك ، ورفقا برعيّتك ، وإعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحقّ .
ولا تدفعنّ صلحا دعاك إليه عدوّك وللَّه فيه رضى ، فانّ فى الصّلح دعة لجنودك وراحة من همومك ، وأمنا لبلادك ، ولكن الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه ، فانّ العدوّ ربّما قارب ليتغفّل ، فخذ بالحزم ، واتّهم فى ذلك حسن الظَّنّ . وإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة أو ألبسته منك ذمّة ، فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمّتك بالأمانة ، واجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت ، فانّه ليس من فرائض اللَّه شيء النّاس أشدّ عليه اجتماعا مع تفرّق أهوائهم وتشتّت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر ، فلا تغدرنّ بذمّتك ولا تخيسنّ بعهدك ولا تختلنّ عدوّك ، فانّه لا يجترئ على اللَّه إلَّا جاهل شقىّ . وقد جعل اللَّه عهده وذمّته أمنا أفضاه بين العباد برحمته ، وحريما يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره ، فلا إدغال ولا مدالسة ولا خداع فيه ، ولا تعقد عقدا تجوّز فيه العلل ، ولا تعوّلنّ على لحن قول بعد التّأكيد والتّوثقة ، ولا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد اللَّه إلى طلب انفساخه بغير الحقّ ، فإنّ صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته ، وأن تحيط بك من اللَّه فيه طلبة ، فلا تستقيل فيها دنياك ولا آخرتك .
إيّاك والدّماء وسفكها بغير حلَّها ، فإنّه ليس شيء أدنى لنقمة ، ولا أعظم لتبعة ، ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة ، من سفك الدّماء بغير حقّها ، واللَّه سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدّماء يوم القيامة ، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام ، فإنّ ذلك ممّا يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله ، ولا عذر لك عند اللَّه ولا عندى فى قتل العمد ، لأنّ فيه قود البدن ، وإن ابتليت بخطاء وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بعقوبة ، فانّ فى الوكزة فما فوقها مقتلة ، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدّى إلى أولياء المقتول حقّهم .

552

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 552
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست