responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 546


ثمّ اختر للحكم بين النّاس أفضل رعيّتك فى نفسك ممّن لا تضيق به الأمور ، ولا تمحكه الخصوم ، ولا يتمادى فى الزّلَّة ، ولا يحصر من الفىء إلى الحقّ إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على طمع ، ولا يكتفى بأدنى فهم دون أقصاه ، وأوقفهم فى الشّبهات ، وآخذهم بالحجج ، وأقلَّهم تبرّما بمراجعة الخصم ، وأصبرهم على تكشّف الأمور ، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم ، ممّن لا يزدهيه إطراء ، ولا يستميله إغراء ، وأولئك قليل ، ثمّ أكثر تعاهد قضائه ، وافسح له فى البذل ما يزيل علَّته ، وتقلّ معه حاجته إلى النّاس ، وأعطه من المنزلة لديك مالا يطمع فيه غيره من خاصّتك ليأمن بذلك اغتيال الرّجال له عندك ، فانظر فى ذلك نظرا بليغا ، فإنّ هذا الدّين قد كان أسيرا فى أيدى الأشرار : يعمل فيه بالهوى ، وتطلب به الدّنيا .
ثمّ انظر فى أمور عمّالك فاستعملهم اختبارا ، ولا تولَّهم محاباة وأثرة ، فإنّهم جماع من شعب الجور والخيانة ، وتوخّ منهم أهل التّجربة والحياء من أهل البيوتات الصّالحة والقدم فى الإسلام المتقدّمة ، فإنّهم أكرم أخلاقا ، وأصحّ أعراضا ، وأقلّ فى المطامع إشرافا ، وأبلغ فى عواقب الأمور نظرا . ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق فإنّ ذلك قوّة لهم على استصلاح أنفسهم ، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك . ثمّ تفقّد أعمالهم وابعث العيون من أهل الصّدق والوفاء عليهم ، فانّ تعاهدك فى السّرّ لأمورهم عدوة لهم على استعمال الأمانة والرّفق بالرّعيّة وتحفّظ من الأعوان فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه ، عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا فبسطت عليه العقوبة فى بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثمّ نصبته بمقام المذلَّة ، ووسمته بالخيانة ، وقلَّدته عار التّهمة .
وتفقّد أمر الخراج بما يصلح أهله ، فإنّ فى صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم ، ولا صلاح لمن سواهم الَّا بهم ، لانّ النّاس كلَّهم عيال على الخراج وأهله . وليكن نظرك فى عمارة الأرض أبلغ من نظرك فى استجلاب الخراج لأنّ ذلك لا يدرك إلَّا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلَّا قليلا ، فان شكوا ثقلا أو علَّة أو انقطاع شرب أو بالَّة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم . ولا يثقلنّ عليك شيء خفّفت به

546

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 546
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست