responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 506


فتفهّم ، يا بنىّ ، وصيّتى ، واعلم أنّ مالك الموت هو مالك الحياة ، وأنّ الخالق هو المميت ، وأنّ المفنى هو المعيد ، وأنّ المبتلى هو المعافى ، وأنّ الدّنيا لم تكن لتستقرّ إلَّا على ما جعلها اللَّه عليه من النّعماء ، والابتلاء والجزاء فى المعاد ، أو ما شاء ممّا لا نعلم . فإن أشكل عليك شيء من ذلك فاحمله على جهالتك به ، فإنّك أوّل ما خلقت خلقت جاهلا ثمّ علَّمت ، وما أكثر ما تجهل من الأمر ، ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلّ فيه بصرك ، ثمّ تبصره بعد ذلك ، فاعتصم بالَّذى خلقك ورزقك وسوّاك ، وليكن له تعبّدك ، وإليه رغبتك ، ومنه شفقتك . واعلم ، يا بنىّ ، أنّ أحدا لم ينبئ عن اللَّه كما أنبأ عنه الرّسول ، صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فارض به رائدا ، وإلى النّجاة قائدا ، فإنّى لم آلك نصيحة ، وإنّك لن تبلغ فى النّظر لنفسك - وإن اجتهدت - مبلغ نظرى لك . واعلم ، يا بنىّ ، أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضادّه فى ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ، ولم يزل ، أوّل قبل الأشياء بلا أوّليّة ، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية . عظم عن أن تثبت ربوبيّته باحاطة قلب أو بصر ، فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله فى صغر خطره ، وقلَّة مقدرته ، وكثرة عجزه ، وعظيم حاجته إلى ربّه ، فى طلب طاعته ، والرّهبة من عقوبته ، والشّفقة من سخطه ، فإنّه لم يأمرك إلَّا بحسن ، ولم ينهك إلَّا عن قبيح .
أقول : أطلق لفظ الفانى عليه مجازا اطلاقا لاسم الغاية على ذى الغاية ، واستعار له لفظ الرهينة باعتبار أن الانسان مربوط الوجود بالأيام كالرهن لما عليه . والرمية : الغرض والهدف . ولفظ التاجر : باعتبار بذله لنفسه فى تحصيل الدنيا واضافه الى الغرور : اضافة المسبّب الى السبب ، اذ الغفلة هى مبدأ ذلك . ولفظ الغريم : باعتبار طلب الموت له كالمتقاضى . والنصب : المنصوب . واستعار لفظ الجموح للدهر : باعتبار اختلاف تصرفاته ، وعدم جريانه على قانون يحفظ كالجموح من الخيل . ويزعني : يمنعني . ومحض أمره : خالصه ، اي : انكشف له انّه راحل الى الآخرة ، وانه لا بدّ من لزوم الأمر الذى ينبغي له . ووجدتك بعضى ، اي : بمنزلة بعضى كقوله :

506

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست