نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 463
أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه ، يرفع لى فى كلّ يوم من أخلاقه علما ، ويأمرنى بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور فى كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيرى ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ فى الإسلام غير رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله ، وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحى والرّسالة ، وأشمّ ريح النّبّوة . ولقد سمعت رنّة الشّيطان حين نزل الوحى عليه ، صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فقلت : يا رسول اللَّه ، ما هذه الرّنة فقال : « هذا الشّيطان أيس من عبادته ، إنّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلَّا أنّك لست بنبىّ ، ولكنّك وزير ، وإنّك لعلى خير » . ولقد كنت معه ، صلَّى اللَّه عليه وآله ، لمّا أتاه الملأ من قريش ، فقالوا له : يا محمّد ، إنّك قد ادّعيت عظيما لم يدّعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه ، وأريتناه علمنا أنّك نبىّ ورسول ، وإن لم تفعل علمنا أنّك ساحر كذّاب . فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : وما تسألون قالوا : تدعو لنا هذه الشّجرة حتّى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك . فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : إنّ اللَّه على كلّ شيء قدير ، فإن فعل اللَّه لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحقّ قالوا : نعم ، قال : فإنّى سأريكم ما تطلبون ، وإنّى لأعلم أنّكم لا تفيئون إلى خير ، وإنّ فيكم من يطرح فى القليب ، ومن يحزّب الاحزاب ، ثم قال صلَّى اللَّه عليه وآله : يا ايّتها الشجرة إن كنت تؤمنين باللَّه واليوم الآخر وتعلمين أنّى رسول اللَّه فانقلعى بعروقك حتّى تقفى بين يدىّ بإذن اللَّه . والَّذى بعثه بالحقّ لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوىّ شديد ، وقصف كقصف أجنحة الطَّير ، حتّى وقفت بين يدي رسول اللَّه ، صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، مرفوفة ، وألقت بغصنها الأعلى على رسول اللَّه ، صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وببعض أغصانها على منكبى وكنت عن يمينه صلَّى اللَّه وآله وسلَّم ، فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا علوّا واستكبارا : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشدّه دويّا ، فكادت تلتفّ برسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فقالوا كفرا وعتوّا : فمر هذا النّصف فليرجع إلى نصفه كما كان ، فأمره ، صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فرجع فقلت أنا : لا إله إلَّا اللَّه ، فإنّى أوّل مؤمن بك يا رسول اللَّه ، وأوّل من أقرّ بأنّ الشّجرة فعلت ما فعلت بأمر اللَّه تصديقا بنبوّتك وإجلالا لكلمتك ، فقال القوم
463
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 463