responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 434


وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة حسيرة عارفة بأنّها مقهورة ، مقرّة بالعجز عن إنشائها ، مذعنة بالضّعف عن إفنائها . وإن اللَّه - سبحانه - يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شيء معه : كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان ، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والسّاعات ، فلا شيء إلَّا الواحد القهّار الَّذى إليه مصير جميع الأمور . بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت على الامتناع دام بقاؤها . لم يتكاءده صنع شيء منها إذ صنعه ، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه ، ولم يكوّنها لتشديد سلطان ، ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا للاستعانة بها على ندّ مكاثر ، ولا للاحتراز بها من ضدّ مثاور ، ولا للازدياد بها فى ملكه ، ولا لمكاثرة وشريك فى شركه ، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها . ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها ، لا لسأم دخل عليه فى تصريفها وتدبيرها ، ولا لراحة واصلة إليه ، ولا لثقل شيء منها عليه . لم يملَّه طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها ، لكنّه - سبحانه - دبّرها بلطفه ، وأمسكها بأمره ، وأتقنها بقدرته ، ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها ، ولا استعانة بشىء منها عليها ، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس ، ولا من حال جهل وعمى إلى علم والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة ، ولا من ذلّ وضعة إلى عزّ وقدرة . اقول الكيفية فى اللغة : الصفة ، والحال التي عليها الشيء ، وفى الاصطلاح العلمىّ : هيئة قارة فى المحل لا يوجب اعتبار وجودها فيه نسبة الى امر خارج عنه .
ولا قسمة فى ذاته ولا نسبة واقعة فى اجزائه ، وبرهان منافاة الكيفية للتوحيد ما مر فى الخطبة الأولى فى قوله : ( فمن وصف اللَّه سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثنّاه ) وظاهر انّ من ثنّاه لم يوحّده .
قوله : ولا حقيقته اصاب من مثّله ، اى : اثبت مثلا وبرهانه انّ المثل للشيء هو المشارك له امّا فى ذاته او فى بعض اجزائها ، او فى صفة خارجة عنها ، وهو تعالى لا شريك له فى ذاته والَّا لاحتاج الى مميّز من خارج لا يكون مقتضى ذاته ، والَّا لكان مشتركا غير مميز له بل مقتضى علة اخرى فيكون واجب الوجود محتاجا فيما يميزّه عن غيره الى غيره ، هذا

434

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست