responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 373


ومن شواهد خلقه خلق السّموات موطَّدات بلا عمد ، قائمات بلا سند . دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات ، غير متلكَّئات ولا مبطئات ، ولو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة وإذعانهنّ له بالطَّواعية لما جعلهنّ موضعا لعرشه ولا مسكنا لملائكته ، ولا مصعدا للكلم الطَّيّب والعمل الصّالح من خلقه ، جعل نجومها أعلاما يستدلّ بها الحيران فى مختلف فجاج الأقطار ، لم يمنع ضوء نورها اد لهمام سجف اللَّيل المظلم ، ولا استطاعت جلابيب سواد الحنادس أن تردّ ما شاع فى السّموات من تلالؤ نور القمر ، فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق داج ، ولا ليل ساج فى بقاع الأرضين المتطأطئات ، ولا فى يفاع السّفع المتجاورات ، وما يتجلجل به الرّعد فى أفق السّماء ، وما تلاشت عنه بروق الغمام ، وما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء وانهطال السّماء ، ويعلم مسقط القطرة ومقرّها ، ومسحب الذّرّة ومجرّها ، وما يكفى البعوضة من قوتها ، وما تحمل الأنثى فى بطنها . الحمد للَّه الكائن قبل أن يكون كرسى أو عرش ، أو سماء أو أرض ، أو جانّ أو إنس لا يدرك بوهم ، ولا يقدّر بفهم ، ولا يشغله سائل ، ولا ينقصه نائل ، ولا ينظر بعين ، ولا يحدّ بأين ، ولا يوصف بالأزواج ، ولا يخلق بعلاج ، ولا يدرك بالحواسّ ، ولا يقاس بالنّاس . الَّذى كلَّم موسى تكليما ، وأراه من آياته عظيما ، بلا جوارح ولا أدوات ، ولا نطق ولا لهوات . بل إن كنت صادقا أيّها المتكلَّف لوصف ربّك ، فصف جبرائيل وميكائيل وجنود الملائكة المقرّبين فى حجرات القدس مرجحنّين ، متولَّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين . فإنّما يدرك بالصّفات ذو والهيئات والأدوات ، ومن ينقضي إذا بلغ أمد حدّه بالفناء فلا إله إلَّا هو أضاء بنوره كلّ ظلام ، وأظلم بظلمته كلّ نور . أوصيكم عباد اللَّه بتقوى اللَّه الَّذى ألبسكم الرّياش ، وأسبغ عليكم المعاش ولو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلَّما أو إلى دفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام : الَّذى سخّر له ملك الجنّ والإنس مع النّبوّة وعظيم الزّلفة ، فلمّا استوفى طعمته ، واستكمل مدّته ، رمته قسىّ الفناء بنبال الموت ، وأصبحت الدّيار منه خالية ، والمساكن معطَّلة ، وورثها قوم آخرون ، وإنّ لكم فى القرون السّالفة لعبرة أين العمالقة وأبناء العمالقة أين الفراعنة وأبناء الفراعنة أين أصحاب مدائن الرّسّ الَّذين قتلوا النّبيّين . وأطفئوا سنن المرسلين ، وأحيوا سنن الجبّارين أين الَّذين ساروا بالجيوش ،

373

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست