responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 224


الرّجيج الَّذى تستكّ منه الأسماع سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها ، فتقف خاسئة على حدودها ، أنشأهم على صور مختلفات ، وأقدار متفاوتات أولى أجنحة تسبّح جلال عزّته لا ينتحلون ما ظهر فى الخلق من صنعته ، ولا يدّعون أنّهم يخلقون شيئا ممّا انفرد به ، بل عباد مكرمون * ( ( لا يَسْبِقُونَه بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِه يَعْمَلُونَ ) ) * جعلهم فيما هنا لك أهل الأمانة على وحيه ، وحمّلهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه ، وعصمهم من ريب الشّبهات ، فما منهم زائغ عن سبيل مرضاته ، وأمدّهم بفوائد المعونة ، وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السّكينة ، وفتح لهم أبوابا ذللا إلى تماجيده ، ونصب لهم منارا واضحة على أعلام توحيده لم تثقلهم موصرات الآثام ، ولم ترتحلهم عقب اللَّيالى والأيّام ، ولم ترم الشّكوك بنوازعها عزيمة إيمانهم ، ولم تعترك الظَّنون على معاقد يقينهم ، ولا قدحت قادحة الإحن فيما بينهم ، ولا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته بضمائرهم ، وما سكن من عظمته وهيبة جلالته فى أثناء صدورهم ، ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم : منهم من هو فى خلق الغمام الدّلَّح ، وفى عظم الجبال الشّمّخ ، وفى قترة الظَّلام الأبهم ، ومنهم من خرقت أقدامهم تخوم الأرض السّفلى ، فهى كرايات بيض قد نفذت فى مخارق الهواء ، وتحتها ريح هفّافة تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية ، قد استفرغتهم أشغال عبادته ، ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه ، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره ، قد ذاقوا حلاوة معرفته ، وشربوا بالكأس الرّويّة من محبّته ، وتمكَّنت من سويداء قلوبهم ، وشيجة خيفته ، فحنوا بطول الطَّاعة اعتدال ظهورهم ، ولم ينفد طول الرّغبة إليه مادّة تضرّعهم ، ولا أطلق عنهم عظيم الزّلفة ربق خشوعهم ، ولم يتولَّهم الإعجاب فيستكثروا ما سلف منهم ، ولا تركت لهم استكانة الإجلال ، نصيبا فى تعظيم حسناتهم ، ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم ، ولم تغض رغباتهم ، فيخالفوا عن رجاء ربّهم ، ولم تجفّ لطول المناجاة أسلات ألسنتهم ، ولا ملكتهم الأشغال فتنقطع بهمس الجؤار إليه أصواتهم ، ولم تختلف فى مقادم الطَّاعة مناكبهم ، ولم يثنوا إلى راحة التّقصير فى أمره رقابهم ، ولا تعدو على عزيمة جدّهم بلادة الغفلات ، ولا تنتضل فى هممهم خدائع الشّهوات قد اتّخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم . ويمّموه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم ، لا يقطعون أمد غاية عبادته ، ولا يرجع بهم

224

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست