نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 64
بل الشرفى تأويل هذه الألفاظ أطم وأعظم ، لأنها مبطلة للثقة بالألفاظ ، وقاطعة طريق الاستفادة والفهم من القرءان بالكلية . فقد عرفت كيف صرف الشيطان دواعي الخلق عن العلوم المحمودة إلى المذمومة . فكل ذلك من تلبيس علماء السوء بتبديل الأسامي ، فان اتبعت هؤلاء اعتمادا على الاسم المشهور من غير التفات إلى ما عرف في العصر الأول ، كنت كمن طلب الشرف بالحكمة باتباع من يسمى حكيما ، فان اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم في هذا العصر ، وذلك بالغفلة عن تبديل الألفاظ اللفظ الخامس : وهو الحكمة - فان اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم ، حتى على الذي يدحرج القرعة على أكف السوادية في شوارع الطرق . والحكمة هي التي أثنى الله عز وجل عليها فقال تعالى : * ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ من يَشاءُ ومن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * . وقال صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] « كلمة من الحكمة يتعلَّمها الرّجل خير له من الدّنيا وما فيها » فانظر ما الذي كانت الحكمة عبارة عنه ، وإلى ما ذا نقل ، وقس به من بقية الألفاظ ، واحترز عن الاغترار بتلبيسات علماء السوء ، فان شرهم على الدين أعظم من شر الشياطين ، إذ الشيطان بواسطتهم يتدرج إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق . ولهذا [ 2 ] لما سئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن شر الخلق أبي وقال : « اللَّهمّ غفرا » حتى كرروا عليه فقال : « هم علماء السّوء » فقد عرفت العلم المحمود والمذموم ومثار الالتباس ، وإليك الخيرة في أن تنظر لنفسك ، فتقتدي بالسلف ، أو تتدلى بحبل الغرور وتتشبه بالخلف ، فكل ما ارتضاه السلف من العلوم قد اندرس ، وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع ومحدث ، وقد صح قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلم [ 3 ] « بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء » فقيل : ومن الغرباء ؟ قال الَّذين يصلحون ما أفسده النّاس من سنّتى . والَّذين يحيون ما أماتوه من سنتي «
64
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 64