responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 31


من العرب في الطريق ، ولكن الحج شيء وسلوك الطريق إلى الحج شيء ثان ، والقيام بالحراسة التي لا يتم الحج إلا بها شيء ثالث ، ومعرفة طرق الحراسة وحيلها وقوانينها شيء رابع . وحاصل فن الفقه معرفة طرق السياسة والحراسة . ويدل على ذلك ما روى مسندا [ 1 ] « لا يفتي النّاس إلَّا ثلاثة : أمير أو مأمور أو متكلَّف » .
فالأمير هو الامام وقد كانوا هم المفتين ، والمأمور نائبه ، والمتكلف غيرهما ، وهو الذي يتقلد تلك العهدة من غير حاجة . وقد كان الصحابة رضى الله عنهم يحترزون عن الفتوى حتى كان يحيل كل واحد منهم على صاحبه ، وكانوا لا يحترزون إذا سئلوا عن علم القرآن وطريق الآخرة . وفي بعض الروايات بدل المتكلف المرائي ، فان من تقلد خطر الفتوى وهو غير متعين للحاجة فلا يقصد به إلا طلب الجاه والمال .
فان قلت : هذا إن استقام لك في أحكام الجراحات والحدود والغرامات وفصل الخصومات فلا يستقيم فيما يشتمل عليه ربع العبادات من الصيام والصلاة ، ولا فيما يشتمل عليه ربع العادات من المعاملات من بيان الحلال والحرام . فاعلم أن أقرب ما يتكلم الفقيه فيه من الأعمال التي هي أعمال الآخرة ثلاثة : الإسلام ، والصلاة ، والزكاة ، والحلال والحرام . فإذا تأملت منتهى نظر الفقيه فيها ، علمت أنه لا يجاوز حدود الدنيا إلى الآخرة . وإذا عرفت هذا في هذه الثلاثة فهو في غيرها أظهر .
أما الإسلام فيتكلم الفقيه فيما يصح منه وفيما يفسد ، وفي شروطه ، وليس يلتفت فيه إلا الى اللسان ، وأما القلب فخارج عن ولاية الفقيه لعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباب السيوف والسلطنة عنه حيث قال : [ 2 ] « هلَّا شققت عن قلبه » للذي قتل من تكلم بكلمة الإسلام معتذرا بأنه قال ذلك من خوف السيف ، بل يحكم الفقيه بصحة الإسلام تحت ظلال السيوف ، مع أنه يعلم أن السيف لم يكشف له عن نيته ، ولم يدفع عن قلبه غشاوة الجهل والحيرة ، ولكنه مشير على صاحب السيف ، فان السيف ممتد إلى رقبته ، واليد ممتدة إلى ماله ، وهذه الكلمة باللسان تعصم رقبته وماله ما دامت له رقبة ومال ، وذلك في الدنيا ، ولذلك

31

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست