responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 23


ولذلك تستدعى هذه الصناعة من الكمال فيمن يتكفل بها ما لا يستدعيه سائر الصناعات .
ولذلك يستخدم لا محالة صاحب هذه الصناعة سائر الصناع .
والسياسة في استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المستقيم المنجي في الدنيا والآخرة على أربع مراتب : الأولى وهي العليا : سياسة الأنبياء عليهم السلام ، وحكمهم على الخاصة والعامة جميعا في ظاهرهم وباطنهم . والثانية : الخلفاء والملوك والسلاطين ، وحكمهم على الخاصة والعامة جميعا ، ولكن على ظاهرهم لا على باطنهم . والثالثة : العلماء با لله عز وجلّ وبدينه الذين هم ورثة الأنبياء ، وحكمهم على باطن الخاصة فقط ، ولا يرتفع فهم العامة على الاستفادة منهم ، ولا تنتهي قوتهم إلى التصرف في ظواهرهم بالالزام والمنع والشرع . والرابعة :
الوعاظ ، وحكمهم على بواطن العوام فقط . فأشرف هذه الصناعات الأربع بعد النبوة : إفادة العلم ، وتهذيب نفوس الناس عن الأخلاق المذمومة المهلكة ، وإرشادهم إلى الأخلاق المحمودة المسعدة ، وهو المراد بالتعليم وإنما قلنا إن هذا أفضل من سائر الحرف والصناعات ، لأن شرف الصناعة يعرف بثلاثة أمور : إما بالالتفات إلى الغريزة التي بها يتوصل إلى معرفتها كفضل العلوم العقلية على اللغوية ، إذ تدرك الحكمة بالعقل ، واللغة بالسمع ، والعقل أشرف من السمع ، وإما بالنظر الى عموم النفع : كفضل الزراعة على الصياغة ، وإما بملاحظة المحل الذي فيه التصرف : كفضل الصياغة على الدباغة ، إذ محل أحدهما الذهب ، ومحل الآخر جلد الميتة .
وليس يخفى أن العلوم الدينية وهي فقه طريق الآخرة إنما تدرك بكمال العقل وصفاء الذكاء ، والعقل أشرف صفات الإنسان كما سيأتي بيانه ، إذ به تقبل أمانة الله ، وبه يتوصل إلى جوار الله سبحانه وأما عموم النفع فلا يستراب فيه ، فإن نفعه وثمرته سعادة الآخرة وأما شرف المحل فكيف يخفى والمعلم متصرف في قلوب البشر ونفوسهم ، وأشرف موجود على الأرض جنس الانس ، وأشرف جزء من جواهر الإنسان قلبه ، والمعلم مشتغل بتكميله وتجليته وتطهيره وسياقته إلى القرب من الله عزّ وجلّ فتعليم العلم من وجه عبادة لله تعالى ، ومن وجه خلافة لله تعالى ، وهو من أجلّ خلافة الله ،

23

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست