responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 173


رضي الله عنه . ولا شك في أن ذلك السر كان متعلقا بقواعد الدين غير خارج منها ، وما كان من قواعد الدين لم يكن خافيا بظواهره على غيره وقال سهل التستري رضى الله عنه : للعالم ثلاثة علوم : علم ظاهر يبذله لأهل الظاهر ، وعلم باطن لا يسعه إظهاره الا لأهله ، وعلم هو بينه وبين الله تعالى لا يظهره لأحد . وقال بعض العارفين : إفشاء سر الربوبية كفر . وقال بعضهم : للربوبية سر لو أظهر لبطلت النبوّة ، وللنبوّة سر لو كشف لبطل العلم ، وللعلماء با لله سر لو أظهروه لبطلت الأحكام وهذا القائل إن لم يرد بذلك بطلان النبوّة في حق الضعفاء لقصور فهمهم فما ذكره ليس بحق ، بل الصحيح أنه لا تناقض فيه ، وأن الكامل من لا يطفئ نور معرفته نور ورعه ، وملاك الورع النبوة مسألة فان قلت : هذه الآيات والأخبار يتطرق إليها تأويلات ، فبين لنا كيفية اختلاف الظاهر والباطن ، فان الباطن إن كان مناقضا للظاهر ففيه إبطال الشرع ، وهو قول من قال إن الحقيقة خلاف الشريعة ، وهو كفر ، لان الشريعة عبارة عن الظاهر ، والحقيقة عبارة عن الباطن ، وإن كان لا يناقضه ولا يخالفه فهو هو ، فيزول به الانقسام ، ولا يكون للشرع سر لا يفشي ، بل يكون الخفي والجلي واحدا فاعلم أن هذا السؤال يحرك خطبا عظيما ، وينجرّ إلى علوم المكاشفة ويخرج عن مقصود علم المعاملة ، وهو غرض هذه الكتب ، فان العقائد التي ذكرناها من أعمال القلوب وقد تعبدنا بتلقينها بالقبول والتصديق بعقد القلب عليها ، لا بأن يتوصل إلى أن ينكشف لنا حقائقها ، فان ذلك لم يكلف به كافة الخلق ، ولو لا أنه من الأعمال لما أوردناه في هذا الكتاب ، ولو لا أنه عمل ظاهر القلب لا عمل باطنه لما أوردناه في الشطر الأول من الكتاب وانما الكشف الحقيقي هو صفة سر القلب وباطنه ، ولكن إذا أبحر الكلام إلى تحريك خيال في مناقضة الظاهر للباطن فلا بد من كلام وجيز في حله :
فمن قال : إن الحقيقة تخالف الشريعة أو الباطن يناقض الظاهر ، فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الايمان ، بل الأسرار التي يختص بها المقربون يدركها ، ولا يشاركهم الأكثرون في

173

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست