نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 163
أراد أن يكون من سالكي طريق الآخرة ، وساعده التوفيق حتى اشتغل بالعمل ، ولازم التقوى ونهى النفس عن الهوى ، واشتغل بالرياضة والمجاهدة ، انفتحت له أبواب من الهداية تكشف عن حقائق هذه العقيدة بنور إلهى يقذف في قلبه بسبب المجاهدة تحقيقا لوعده عز وجل إذ قال : * ( والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وإِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) * . وهو الجوهر النفيس الذي هو غاية إيمان الصدّيقين والمقربين ، وإليه الإشارة بالسر الذي وقر في صدر أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه حيث فضل به الخلق . وانكشاف ذلك السر بل تلك الأسرار له درجات بحسب درجات المجاهدة ودرجات الباطن ، في النظافة والطهارة عما سوى الله تعالى ، وفي الاستضاءة بنور اليقين ، وذلك كتفاوت الخلق في أسرار الطب والفقه وسائر العلوم ، إذ يختلف ذلك باختلاف الاجتهاد واختلاف الفطرة في الذكاء والفطنة وكما لا تنحصر تلك الدرجات فكذلك هذه مسألة فان قلت : تعلَّم الجدل والكلام مذموم كتعلم النجوم أو هو مباح أو مندوب إليه ؟ فاعلم أن للناس في هذا غلوا وإسرافا في أطراف : فمن قائل إنه بدعة وحرام ، وإن العبد إن لقى الله عز وجل بكل ذنب سوى الشرك خير له من أن يلقاه بالكلام . ومن قائل أنه واجب وفرض إما على الكفاية أو على الأعيان ، وإنه أفضل الأعمال وأعلى القربات ، فإنه تحقيق لعلم التوحيد ، ونضال عن دين الله تعالى . وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أهل الحديث من السلف . قال ابن عبد الأعلى رحمه الله : سمعت الشافعي رضى الله عنه يوم ناظر حفصا الفرد وكان من متكلمى المعتزلة يقول : لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك با لله خير له من أن يلقاه بشيء من علم الكلام . ولقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه . وقال أيضا : قد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننته قط ، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك خير له من أن ينظر في الكلام . وحكى الكرابيسي أن الشافعي رضي الله عنه سئل عن شيء من الكلام فغضب وقال سل عن هذا حفصا الفرد وأصحابه أخزاهم الله . ولما مرض الشافعي رضي الله عنه دخل عليه حفص الفرد فقال له من أنا : فقال حفص الفرد :
163
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 163