responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 141


أو كيف يستراب فيه والبهيمة مع قصور تمييزها تحتشم العقل ، حتى إن أعظم البهائم بدنا وأشدها ضراوة وأقواها سطوة إذا رأى صورة الإنسان احتشمه وهابه ، لشعوره باستيلائه عليه ، لما خص به من إدراك الحيل . ولذلك قال صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] « الشّيخ في قومه كالنّبيّ في أمّته » وليس ذلك لكثرة ماله ، ولا لكبر شخصه ، ولا لزيادة قوته ، بل لزيادة تجربته التي هي ثمرة عقله ، ولذلك ترى الأتراك والأكراد وأجلاف العرب وسائر الخلق مع قرب منزلتهم من رتبة البهائم يوقرون المشايخ بالطبع ، ولذلك حين قصد كثير من المعاندين قتل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فلما وقعت أعينهم عليه واكتحلوا بغرته الكريمة ، هابوه ، وتراءى لهم ما كان يتلألأ على ديباجة وجهه من نور النبوة ، وإن كان ذلك باطنا في نفسه بطون العقل فشرف العقل مدرك بالضرورة . وإنما القصد أن نورد ما وردت به الأخبار والآيات في ذكر شرفه ، وقد سماه الله نورا في قوله تعالى : * ( الله نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ مَثَلُ نُورِه كَمِشْكاةٍ ) * . وسمى العلم المستفاد منه روحا ووحيا وحياة ، فقال تعالى : * ( وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً من أَمْرِنا ) * . وقال سبحانه : * ( أَومن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه وجَعَلْنا لَه نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ ) * . وحيث ذكر النور والظلمة أراد به العلم والجهل ، كقوله : * ( يُخْرِجُهُمْ من الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) * .
وقال صلَّى الله عليه وسلم [ 2 ] « يا أيّها النّاس اعقلوا عن ربّكم وتواصوا بالعقل تعرفوا ما أمرتم به وما نهيتم عنه ، واعلموا أنّه ينجدكم عند ربكم ، واعلموا أنّ العاقل من أطاع الله وإن كان دميم المنظر حقير الخطر دنىّ المنزلة رثّ الهيئة ، وإنّ الجاهل من عصى الله تعالى وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر شريف المنزلة حسن لهيئة فصيحا نطوقا ، فالقردة والخنازير أعقل عند الله تعالى ممن عصاه ، ولا تغترّ بتعظيم أهل الدّنيا إيّاكم فإنّهم من الخاسرين » .

141

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست