responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 139


أخذوا في الاستغفار فيبدل الله سيئاتهم حسنات ، فقال : إنكم لن تنالوا من هؤلاء شيئا لصحة توحيدهم ، واتباعهم لسنة نبيهم ، ولكن سيأتي بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم ، تلعبون بهم لعبا ، وتقودونهم بأزمة أهوائهم كيف شئتم ، إن استغفروا لم يغفر لهم ، ولا يتوبون فيبدل الله سيئاتهم حسنات . قال : فجاء قوم بعد القرن الأول فبث فيهم الأهواء وزين لهم البدع ، فاستحلوها ، واتخذوها دينا ، لا يستغفرون الله منها ، ولا يتوبون عنها ، فسلط عليهم الأعداء ، وقادوهم أين شاؤا فان قلت : من أين عرف قائل هذا ما قاله إبليس ولم يشاهد إبليس ولا حدّثه بذلك ؟
فاعلم أن أرباب القلوب يكاشفون بأسرار الملكوت ، تارة على سبيل الإلهام بأن يخطر لهم على سبيل الورود عليهم من حيث لا يعلمون ، وتارة على سبيل الرؤيا الصادقة ، وتارة في اليقظة على سبيل كشف المعاني بمشاهدة الأمثلة كما يكون في المنام ، وهذا أعلى الدرجات ، وهي من درجات النبوّة العالية ، كما أن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوّة فإياك أن يكون حظك من هذا العلم إنكار ما جاوز حد قصورك ، ففيه هلك المتحذلقون من العلماء ، الزاعمون أنهم أحاطوا بعلوم العقول . فالجهل خير من عقل يدعو إلى إنكار مثل هذه الأمور لأولياء الله تعالى . ومن أنكر ذلك للأولياء لزمه إنكار الأنبياء ، وكان خارجا عن الدين بالكلية . قال بعض العارفين : إنما انقطع الأبدال في أطراف الأرض واستتروا عن أعين الجمهور ، لأنهم لا يطيقون النظر إلى علماء الوقت ، لأنهم عندهم جهال با لله تعالى ، وهم عند أنفسهم وعند الجاهلين علماء . قال سهل الَّتسترى رضى الله عنه : إن من أعظم المعاصي الجهل بالجهل ، والنظر إلى العامة ، واستماع كلام أهل الغفلة ، وكل عالم خاض في الدنيا فلا ينبغي أن يصغى إلى قوله ، بل ينبغي أن يتهم في كل ما يقول ، لأن كل إنسان يخوض فيما أحب ، ويدفع ما لا يوافق محبوبه . ولذلك قال الله عز وجل * ( ولا تُطِعْ من أَغْفَلْنا قَلْبَه عَنْ ذِكْرِنا واتَّبَعَ هَواه وكانَ أَمْرُه فُرُطاً ) * . والعوام العصاة أسعد حالا من الجهال بطريق الدين ، المعتقدين أنهم من العلماء ، لأن العامي العاصي معترف بتقصيره فيستغفر ويتوب ، وهذا الجاهل الظان أنه عالم فان ما هو مشتغل به من العلوم التي هي وسائله إلى الدنيا عن سلوك طريق الدين ، فلا يتوب ولا يستغفر ، بل لا يزال مستمرا عليه إلى الموت

139

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست