responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 102


ولذلك قال الحسن رحمه الله : عقوبة العلماء موت القلب ، وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة . ولذلك قال يحيى بن معاذ : إنما يذهب بهاء العلم والحكمة إذا طلب بهما الدنيا . وقال سعيد بن المسيّب رحمه الله : إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فهو لص . وقال عمر رضى الله عنه : إذا رأيتم العالم محبا للدنيا فاتهموه على دينكم ، فان كل محب يخوض فيما أحب . وقال مالك بن دينار رحمه الله :
قرأت في بعض الكتب السالفة أن الله تعالى يقول : إن أهون ما أصنع بالعالم إذا أحب الدنيا أن أخرج حلاوة مناجاتى من قلبه . وكتب رجل إلى أخ له : إنك قد أوتيت علما فلا تطفئن نور علمك بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم في نور علمهم . وكان يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله يقول لعلماء الدنيا : يا أصحاب العلم قصوركم قيصرية ، وبيوتكم كسروية وأثوابكم ظاهرية ، وأخفافكم جالوتية ، ومراكبكم قارونية ، وأوانيكم فرعونية ، ومآثمكم جاهلية ، ومذاهبكم شيطانية ، فأين الشريعة المحمدية ! قال الشاعر :
< شعر > وراعى الشاة يحمى الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها ذئاب < / شعر > وقال آخر :
< شعر > يا معشر القراء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد !
< / شعر > وقيل لبعض العارفين : أترى ان من تكون المعاصي قرة عينه لا يعرف الله ؟ فقال : لا أشك أن من تكون الدنيا عنده آثر من الآخرة أنه لا يعرف الله تعالى . وهذا دون ذلك بكثير .
ولا تظنن أن ترك المال يكفي في اللحوق بعلماء الآخرة ، فان الجاه أضر من المال . ولذلك قال بشر : حدّثنا ، باب من أبواب الدنيا ، فإذا سمعت الرجل يقول حدثنا فإنما يقول أوسعوا لي .
ودفن بشر بن الحارث بضعة عشر ما بين قمطرة وقوصرة من الكتب ، وكان يقول أنا أشتهى أن أحدث ، ولو ذهبت عني شهوة الحديث لحدثت . وقال هو وغيره : إذا اشتهيت أن تحدث فاسكت ، فإذا لم تشته فحدث . وهذا لأن التلذذ بجاه الافادة ومنصب الإرشاد أعظم لذة من كل تنعم في الدنيا ، فمن أجاب شهوته فيه فهو من أبناء الدنيا . ولذلك قال الثوري : فتنة الحديث أشد من فتنة الأهل والمال والولد ، وكيف لا تخاف فتنته وقد قيل لسيد المرسلين صلَّى الله عليه وسلم : * ( ولَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا ) *

102

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست