responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 135


علم الآخرة مطويا ، وغاب عنهم الفرق بين العلم والكلام إلا عن الخواص منهم : كانوا إذا قيل لهم فلان أعلم أم فلان ، يقولون : فلان أكثر علما ، وفلان أكثر كلاما ، فكان الخواص يدركون الفرق بين العلم وبين القدرة على الكلام . هكذا ضعف الدين في قرون سالفة ، فكيف الظن بزمانك هذا ؟ وقد انتهى الأمر إلى أن مظهر الإنكار يستهدف لنسبته إلى الجنون ، فالأولى أن يشتغل الإنسان بنفسه ويسكت ومنها - أن يكون شديد التوقي من محدثات الأمور وإن اتفق عليها الجمهور ، فلا يغرنّه إطباق الخلق على ما أحدث بعد الصحابة رضى الله عنهم ، وليكن حريصا على التفتيش عن أحوال الصحابة وسيرتهم وأعمالهم ، وما كان فيه أكثر همهم : أكان في التدريس والتصنيف والمناظرة والقضاء والولاية وتولى الأوقاف والوصايا وأكل مال الأيتام ومخالطة السلاطين ومجاملتهم في العشرة ، أم كان في الخوف والحزن والتفكر والمجاهدة ومراقبة الظاهر والباطن واجتناب دقيق الإثم وجليله ، والحرص على إدراك خفايا شهوات النفوس ومكايد الشيطان ، إلى غير ذلك من علوم الباطن واعلم تحقيقا أن أعلم أهل الزمان وأقربهم إلى الحق أشبههم بالصحابة وأعرفهم بطريق السلف ، فمنهم أخذ الدين ، ولذلك قال على رضى الله عنه : خيرنا أتبعنا لهذا الدين لمّا قيل له :
خالفت فلانا . فلا ينبغي أن يكترث بمخالفة أهل العصر في موافقة أهل عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فان الناس رأوا رأيا فيما هم فيه لميل طباعهم إليه ، ولم تسمح نفوسهم بالاعتراف بأن ذلك سبب الحرمان من الجنة ، فادّعوا أنه لا سبيل إلى الجنة سواه . ولذلك قال الحسن :
محدثان أحدثا في الإسلام : رجل ذو رأى سيء زعم أن الجنة لمن رأى مثل رأيه ، ومترف يعبد الدنيا ، لها يغضب ولها يرضى وإياها يطلب ، فارفضوهما إلى النار ، وإن رجلا أصبح في هذه الدنيا بين مترف يدعوه إلى دنياه ، وصاحب هوى يدعوه إلى هواه ، وقد عصمه الله تعالى منهما ، يحنّ إلى السلف الصالح يسأل عن أفعالهم ويقتفي آثارهم ، متعرض لأجر عظيم ، فكذلك كونوا وقد روى عن ابن مسعود موقوفا ومسندا [ 1 ] أنه قال : « إنّما هما اثنتان : الكلام والهدى ، فأحسن الكلام كلام الله تعالى ، وأحسن الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ شرّ الأمور محدثاتها ، وإنّ كلّ محدثة بدعة ، وإنّ كلّ بدعة ضلالة ، ألا لا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ، ألا كلّ ما هو آت قريب ، ألا إنّ البعيد ما ليس بآت »

135

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست