responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 115


هذه النصيحة ، فتقوى أيضا نفسه على الوقوف على حدود المباح ، حتى لا يحمله ذلك على المراءاة والمداهنة ، والتجاوز إلى المكروهات ، وأما غيره فلا يقدر عليه . فالتعريج على التنعم بالمباح خطر عظيم ، وهو بعيد من الخوف والخشية . وخاصية علماء الله تعالى الخشية . وخاصية الخشية التباعد من مظان الخطر ومنها - أن يكون مستقصيا عن السلاطين ، فلا يدخل عليهم البتة ما دام يجد إلى الفرار عنهم سبيلا ، بل ينبغي أن يحترز عن مخالطتهم وإن جاؤا إليه ، فان الدنيا حلوة خضرة ، وزمامها بأيدي السلاطين ، والمخالط لهم لا يخلو عن تكلف في طلب مرضاتهم واستمالة قلوبهم ، مع أنهم ظلمة ، ويجب على كل متدين الإنكار عليهم ، وتضييق صدورهم بإظهار ظلمهم وتقبيح فعلهم . فالداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تجملهم فيزدرى نعمة الله عليه ، أو يسكت عن الإنكار عليهم فيكون مداهنا لهم ، أو يتكلف في كلامه كلاما لمرضاتهم وتحسين حالهم ، وذلك هو البهت الصريح ، أو أن يطمع في أن ينال من دنياهم ، وذلك هو السحت . وسيأتي في كتاب الحلال والحرام ما يجوز أن يؤخذ من أموال السلاطين وما لا يجوز من الأدرار والجوائز وغيرها .
وعلى الجملة فمخالطتهم مفتاح للشرور ، وعلماء الآخرة طريقهم الاحتياط وقد قال صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] « من بدا جفا - يعنى من سكن البادية جفا - ومن اتّبع الصّيد غفل ، ومن أتى السّلطان افتتن » وقال صلَّى الله عليه وسلم [ 2 ] « سيكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضى وتابع أبعده الله تعالى » قيل : أفلا نقاتلهم ؟ قال صلَّى الله عليه وسلم « لا ، ما صلَّوا » .
وقال سفيان : في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك . وقال حذيفة : إياكم ومواقف الفتن ، قيل : وما هي ؟
قال : أبواب الأمراء ، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول فيه ما ليس فيه .
وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم [ 3 ] « العلماء أمناء الرّسل على عباد الله تعالى ما لم يخالطوا السّلاطين ، فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرّسل فاحذروهم واعتزلوهم »

115

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست