من هذا أنه لو نوى رفع الحدث الخاص صح ، وهو كذلك كما قاله شيخي . ( ولو نوى فرض التيمم ) أو فرض الطهارة أو التيمم المفروض أو الطهارة عن الحدث أو الجنابة ، ( لم يكف في الأصح ) لأن التيمم ليس مقصودا في نفسه وإنما يؤتى به عن ضرورة فلا يجعل مقصودا بخلاف الوضوء ، ولهذا يستحب تجديد الوضوء بخلاف التيمم ، والثاني : يكفي كالوضوء . وفرق الأول بما تقدم . ولو نوى التيمم لم يكف جزما ، وسيأتي أنه لو تيمم عن غسل مسنون كغسل الجمعة أنه يكفيه نية التيمم بدل الغسل . ( ويجب قرنها ) أي النية ( بالنقل ) الحاصل بالضرب إلى الوجه لأنه أول الأركان ، ( وكذا ) يجب ( استدامتها إلى مسح شئ من الوجه على الصحيح ) فلو عزبت قبل المسح لم يكف لأن النقل وإن كان ركنا فهو غير مقصود في نفسه . قال الأسنوي : والمتجه الاكتفاء باستحضارها عندهما وإن عزبت بينهما . واستشهد له بكلام لأبي خلف الطبري ، بل وتعليل الرافعي يفهمه ، وهذا هو المعتمد . والتعبير بالاستدامة كما قال شيخي جرى على الغالب لأن هذا الزمن يسير لا تعزب فيه النية غالبا ، بل لو لم ينو إلا عند إرادة مسح الوجه أجزأه ذلك أخذا من الفرق المتقدم ، ولا ينافي ذلك قول الأصحاب يجب قرنها بالنقل لأن المراد النقل المعتد به وهذا لا يعتد به ، فإن النقل المعتد به الآذن هو النقل من اليدين إلى الوجه وقد اقترنت النية به . والثاني : لا تجب الاستدامة ، كما لو قارنت نية الوضوء أول غسل الوجه ثم انقطعت . وأجاب الأول بما مر . ولو نقل التراب قبل الوقت وتيمم بعده لم يجزه ، ولو يممه غيره بإذنه ونوى الآذن عند ضرب المأذون له وأحدث أحدهما قبل المسح لم يضر ، قاله القاضي حسين في فتاويه ، لأن الآمر ليس بناقل فلا يبطل بحدثه ، والمأمور ليس بناقل لنفسه حتى يبطل بحدثه ، وهذا هو المعتمد ، وإن قال الرافعي ينبغي أن يبطل بحدث الآمر كما في تعليق القاضي حسين . ولو تقدمت النية على المفروضات وقارنت شيئا من السنن كالتسمية والسواك فكما سبق في الوضوء . ولو ضرب يده على بشرة تنقض وعليها تراب ، فإن منع التقاء البشرتين صح تيممه وإلا فلا . ثم شرع في بيان ما يباح له بنيته ، فقال : ( فإن نوى فرضا ونفلا ) أي استباحتهما ، ( أبيحا ) له عملا بنيته . وعلم من تنكيره الفرض عدم اشتراط التعيين ، وهو الأصح . فإذا أطلق صلى أي فرض شاء ، وإن عين فرضا جاز أن يصلي غيره فرضا أو نفلا في الوقت أو غيره . وله أن يصلي به الفرض المنوي في غير وقته ، فإن عين فرضا وأخطأ في التعيين كمن نوى فائتة ولا شئ عليه ، أو ظهرا وإنما عليه عصر ، لم يصح تيممه ، لأن نية الاستباحة واجبة في التيمم وإن لم يجب التعيين . فإذا عين وأخطأ لم يصح كما في تعيين الإمام والميت في الصلاة بخلاف مثله في الوضوء لعدم وجوب نية الاستباحة فيه فلا يضر الخطأ فيها ، كما لو عين المصلي اليوم وأخطأ ، ولأنه يرفع الحدث فيستبيح ما شاء ، والتيمم يبيح ولا يرفع ، فنيته صادفت استباحة ما لا يستباح . ( أو ) نوى ( فرضا فله النفل ) معه ( على المذهب ) لأن النوافل تابعة ، وإذا صلحت طهارته للأصل فللتابع أولى ، كما إذا أعتق الام بعتق الحمل . وعبر بالمذهب لأن النوافل المتقدمة على الفرض فيها قولان ، والمتأخرة تجوز قطعا ، وقيل على القولين . ويتلخص من ذلك ثلاثة أقوال : أحدها : له النفل مطلقا ، والثاني : لا مطلقا لأنه لم ينوها ، والثالث : له ذلك بعد الفرض لا قبله لأن التابع لا يقدم . قال السبكي : ولو قيل يستبيح النافلة التابعة لتلك الفريضة دون ما عداها لم يبعد ، ولكن لم أر من قال به . ومن ظن أو شك هل عليه فائتة فتيمم لها ثم ذكرها لم يصح تيممه لأن وقت الفائتة بالتذكر كما سيأتي . ( أو ) نوى ( نفلا ) من الصلوات ولم يتعرض للفرض ، ( أو ) نوى ( الصلاة ) وأطلق ( تنفل ) أي له فعل النفل المنوي وغيره ( لا الفرض على المذهب ) فيهما . أما في الأولى ، فلان الفرض أصل والنفل تابع فلا يجعل المتبوع تابعا ، والثاني يستبيح الفرض قياسا على الوضوء . وأما في الثانية فقياسا على ما لو تحرم بالصلاة فإن صلاته تنعقد نفلا ، والثاني يستبيح الفرض أيضا ، لأن الصلاة اسم جنس يتناول النوعين فيستبيحهما كما لو نواهما . قال