في تحصيل الماء ثمنا أو اجرة أو انقطاعه عن رفقته يتضرر بتخلفه عنهم ، وكذا إن لم يتضرر على الأصح لما يلحقه من الوحشة أو خروج الوقت . ( فإن ) خاف ما ذكر ، أو ( كان ) الماء بمحل ( فوق ذلك ) المحل المتقدم ، وهذا يسمى حد البعد ، ( تيمم ) ولا يجب عليه الطلب لما فيه من المشقة والضرر . ولو كان في سفينة وخاف لو استقى من البحر على شئ مما تقدم فإنه يتيمم ، بخلاف من معه ماء ولو توضأ به خرج الوقت فإنه لا يتيمم لأنه واجد للماء كما مر . وخرج بالمال الاختصاصات وبما لا يجب بذله إلخ ما وجب بذله فلا يمنع الطلب ، وهذا بخلاف ما مر في توهم الماء لتيقن وجود الماء هنا . وبهذا جمع بعضهم بين ما وقع في المجموع من إيجاب الطلب مع الخوف على القدر المذكور في موضع ، ومن المنع في آخر . ولو انتهى إلى المنزل في آخر الوقت والماء في حد القرب ، ولو قصده خرج الوقت ، لم يجب عليه قصده خلافا للرافعي في وجوبه . أما المقيم فلا يتيمم ، وعليه أن يسعى إلى الماء وإن فات به الوقت ، قال في الروضة : لأنه لا بد من القضاء ، أي لتيممه مع القدرة على استعمال الماء ، فلا يرد جواز التيمم للبرد مع وجوب القضاء . وظاهر هذا أنه لا فرق بين طول المسافة وقصرها . وهو كذلك ، أي حيث لا مشقة عليه في ذلك كما يؤخذ من القوت ، وأن التعبير بالمسافر والمقيم فيها إذا خاف فوت الوقت لو سعى إلى الماء جرى على الغالب ، وإنما الحكم منوطب محل يغلب فيه وجود الماء كما سيأتي . ( ولو تيقنه ) أي وجود الماء ، ( آخر الوقت ) مع جواز تيممه في أثنائه ، ( فانتظاره أفضل ) من تعجيل التيمم ، لأن الوضوء هو الأصل والأكمل ، فإن الصلاة به ولو آخر الوقت أفضل منها بالتيمم أوله . ولا فرق في ذلك بين أن يتيقن وجوده في منزله ، أي بأن يأتي له الماء وهو فيه أولا خلافا للماوردي في وجوب التأخير فيما إذا تيقن وجوده في منزله . وقد يكون التعجيل أفضل العوارض ، كأن كان يصلي أول الوقت بسترة ولو أخر لم يصل بها ، أو كان يصلي في أوله جماعة ولو أخر صلى منفردا ، أو كان يقدر على القيام أول الوقت ولو أخر لم يقدر على ذلك ، فالتعجيل بالتيمم في ذلك أفضل . فإن شك في وجوده آخر الوقت ، ( أو ظنه ) بأن ترجح عنده وجوده آخره ، ( فتعجل التيمم أفضل ) على المذهب في الأول ، و ( في الأظهر ) في الثانية ، لأن فضيلة التقديم محققة بخلاف فضيلة الوضوء ، والثاني : التأخير أفضل لما مر . ومحل الخلاف إذا اقتصر على صلاة واحدة ، فإن صلى أول الوقت بالتيمم وبالوضوء في أثنائه فهو النهاية في إحراز الفضيلة . فإن قيل : الصلاة بالتيمم لا تستحب إعادتها بالوضوء . أجيب بأن محله فيمن لا يرجو الماء بعد قرينة سياق كلامهم ، أما إذا ترجح عنده الفقد أو تيقنه آخر الوقت فالتعجيل أفضل جزما . ومثل ذلك في هذا التفصيل ما لو صلى أول الوقت منفردا وآخر الوقت في جماعة . وقال المصنف : ينبغي أن يقال إن فحش التأخير فالتقديم أفضل ، وإن خف فالتأخير أفضل اه . والمعتمد الأول ، وللمسافر القصر ، وأن تيقن الإقامة آخر الوقت لوجود السبب حين الفعل . ولا ينتظر مزاحم على بئر لا يمكن أن يستقي منها إلا واحد واحد وقد تناوبها جمع ، أو ثوب لا يمكن أن يلبسه إلا واحد واحد وقد تناوبه عراة ، أو مقام لا يسع إلا قائما واحدا وقد تناوبه جمع للصلاة فيه وعلم أن نوبته لا تحصل إلا بعد الوقت ، بل يصلي فيه متيمما أو عاريا أو قاعدا ، ولا إعادة عليه لعجزه في الحال ، وجنس عذره غير نادر ، وينتظر نوبته إذا توقع انتهاءها إليه في الوقت . وإدراك الجماعة أولى من تثليث الوضوء وسائر آدابه ، فإذا خاف فوت الجماعة بسلام الإمام لو أكمل الوضوء بآدابه فإدراكها أولى من إكماله وإدراك الركعة الأخيرة لا غيرها من الركعات أولى من إدراك الصف الأول ، فلا يشتغل بالذهاب إليه حتى تفوته الركعة الأخيرة لأنه لا يدرك الجماعة حينئذ اتفاقا . ولو ضاق الوقت أو الماء عن سنن الوضوء وجب الاقتصار على فرائضه كما قاله المصنف في شرح التنبيه . ولا يلزم البدوي النقلة للتطهير بالماء عن التيمم . ( ولو وجد ماء ) صالحا للغسل ( لا يكفيه ، فالأظهر وجوب استعماله ) في بعض أعضائه مرتبا إن كان حدثه أصغر ، أو مطلقا إن كان غيره ، كما يفعل من يغسل كل بدنه لخبر الصحيحين : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولأنه قدر على غسل بعض أعضائه فلم يسقط وجوبه بالعجز عن الباقي كما لو كان ذلك البعض معدما أو جريحا . والثاني : يقتصر على التيمم ،