تنفقون ) * ، وقول الشاعر : فما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني وشرعا : إيصال التراب إلى الوجه واليدين بدلا عن الوضوء والغسل أو عضو منهما بشرائط مخصوصة . وخصت به هذه الأمة ، والأكثرون على أنه فرض سنة ست من الهجرة . وهو رخصة ، وقيل عزيمة ، وبه جزم الشيخ أبو حامد قال : والرخصة إنما هي إسقاط القضاء ، وقيل إن تيمم لفقد الماء فعزيمة أو لعذر فرخصة . ومن فوائد الخلاف ما لو تيمم في سفر معصية لفقد الماء ، فإن قلنا رخصة وجب القضاء وإلا فلا ، قاله في الكفاية . وأجمعوا على أنه مختص بالوجه واليدين وإن كان الحدث أكبر . والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى : * ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) * إلى قوله تعالى : * ( فتيمموا صعيدا طيبا ) * أي ترابا طهورا ، وقيل : ترابا حلالا . وخبر مسلم : جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وتربتها طهورا وغيره من الاخبار الآتي بعضها في الباب . ( يتيمم المحدث والجنب ) والحائض والنفساء ومن ولدت ولدا جافا ، لخبر الصحيحين : أنه ( ص ) صلى ثم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم ، فقال : يا فلان ما منعك أن تصلي مع القوم ؟ فقال : أصابتني جنابة ولا ماء ، فقال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك . وفيهما عن عمار بن ياسر قال : أجنبت فلم أجد الماء فتمعكت في التراب . فأخبرت النبي ( ص ) بذلك فقال : إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ، ثم نفضهما ، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه . قال في المجموع : ومعنى تمعكت تدلكت ، وفي رواية : تمرغت ، وهو بمعنى ثدلكت اه . قال شيخنا : والأولى تفسير تمعكت بتمرغت إذ هو معناه لغة ، ولان في هذه الرواية : فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة . وخرج بالمحدث وما ذكر معه المتنجس ، فلا يتيمم للنجاسة ، لأن التيمم رخصة فلا يتجاوز محل ورودها . ولو اقتصر المصنف على المحدث كما اقتصر عليه في الحاوي لكان أولى ليشمل جميع ما ذكر . قال الولي العراقي : وقد يقال ذكره الجنب بعد المحدث من عطف الأخص على الأعم اه . وعلى كل حال إنما اقتصر على ما ذكره لأنه الأصل وحمل النص وإلا فالمأمور بغسل مسنون كغسل جمعة وعيد يتيمم أيضا كما ذكره في باب الجمعة وغيره . قال الأسنوي : والقياس أن المأمور بوضوء مسنون يتيمم أيضا كما في نظيره من الغسل وكذا الميت ييمم كما سيأتي . ( لأسباب ) جمع سبب يعني لواحد من أسباب . والسبب ما يتوصل به إلى غيره . والمبيح للتيمم في الحقيقة شئ واحد وهو العجز عن استعمال الماء ، وللعجز أسباب ، ولو عبر بما قدرته كان أولى ، لكن هذا ظاهر ، ولكني ذكرته تشحينا للذهن . ( أحدها : فقد الماء ) حسا أو شرعا للآية ، فمن الفقد الشرعي خوف طريقه إلى الماء أو بعده عنه أو الاحتياج إلى ثمنه كما سيأتي ، أو وجد ماء مسبلا للشرب ، حتى قالوا : إنه لا يجوز أن يكتحل منه بقطرة ولا أن يجعل منه في دواة ونحو ذلك لأنه لم يبح إلا لشئ مخصوص ، كما أنه لا يجوز له أن يتيمم بتراب غيره . قال الدميري : وهو مشكل لأنه يؤدي إلى أنه إذا مر بأراضي القرى الموقوفة أو المملوكة لا يجوز له التيمم بترابها ، وفيه بعد ، والمسامحة بذلك مجزوم بها عرفا فلا ينبغي أن يشك في جوازه بها اه . وهذا من الحلال المستفاد بقرينة الحال ، فقد قال الأصحاب : إنه يجوز المرور بملك غيره إذا لم يصر طريقا للناس ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في صلح تحرير ذلك . ( فإن تيقن المسافر ) أو المقيم ، فالتعبير بالمسافر جرى على الغالب . ( فقده ) أي الماء حوله ، ( تيمم بلا طلب ) بفتح اللام ويجوز إسكانها ، لأن طلب ما علم عدمه عبث كما إذا كان في بعض رمال البوادي ، وقيل لا بد من الطلب لأنه لا يقال لمن لم يطلب لم يجد . ( وإن توهمه ) قال الشارح : أي وقع في وهمه ، أي ذهنه ، أي جوز ذلك اه . يعني تجويزا راجحا وهو الظن ، أو مرجوحا وهو الوهم ، أو مستويا وهو الشك ، فليس المراد بالوهم هنا الثاني ، بل وهو صحيح أيضا . ويفهم منه إنه يطلب عند الشك والظن بطريق الأولى . وإنما حول الشارع ذلك ليصير منطوقا ، وليس في ذلك كبير أمر ، فقد قال الله تعالى : * ( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ) *