تقطع عن الإضافة لفظا ولا ينوى المضاف إليه فتعرب أيضا الاعراب المذكور ولكن تنون لأنها حينئذ اسم تام كسائر الأسماء النكرات . ورابعها : ان يحذف المضاف إليه وينوى معناه دون لفظه فتبنى على الضم ، ودخلت الفاء في حيزها لتضمن اما معنى الشرط ، والعامل فيها اما عند سيبويه لنيابتها عن الفعل ، والفعل نفسه عند غيره ، والأصل مهما يكن من شئ بعد ( فإن الاشتغال بالعلم ) المعهود شرعا الصادق بالفقه والحديث والتفسير وما كان آلة لذلك كالنحو والصرف ، فلا يندرج في ذلك معرفة الله تعالى ولا غيرها مما يعتبر تقديمه ( من أفضل الطاعات ) لأنها مفروضة ومندوبة ، والمفروض أولى من المندوب ، والاشتغال بالعلم من المفروض . وقد تظاهرت الآيات والاخبار والآثار وتواترت وتطابقت الدلائل الصريحة وتوافقت على فضيلة العلم والحث على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه . قال تعالى " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون " وقال تعالى " وقل رب زدني علما " وقال تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وقال تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " والآيات في ذلك كثيرة معلومة ، وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " رواه البخاري ومسلم . وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حسد الا في اثنتين : رجل آتاه الله ما لا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها " والمراد بالحسد الغبطة ، وهي ان يتمنى مثله . وعن سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه ان رسولا الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضى الله تعالى عنه " فوالله لأن يهدى بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " وعن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من دعا إلى هدى كان له من الاجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الاثم مثل آثام من تبعه لا ينقض ذلك من آثامهم شيئا " . وعن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أيضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " وعنه أيضا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما " وعن أبي الدرداء رضى الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله يقول : " من سلك طريقا يبتغى فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ، وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وان العالم ليستغفر له كل من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وان العلماء ورثة الأنبياء ، فمن اخذه اخذ بحظ وافر " . وعن إمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم " . ثم قال صلى الله عليه وسلم " ان الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في حجرها ، وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير " والأحاديث في الباب كثيرة ، وفيما ذكرناه كفاية . ومن الآثار عن علي رضى الله تعالى عنه : كفى بالعلم شرفا ان يدعيه من لا يحسنه ، ويفرح به إذا نسب إليه ، وكفى بالجهل ذما ان يتبرأ منه من هو فيه كما قيل : فلله در العلم ومن به تردى ، وتعسا للجهل ومن في أوديته تردى . وقال أبو مسلم الخولاني : مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا برزت للناس اهتدوا بها ، وإذا خفيت عليهم تحيروا . وعن معاذ رضى الله تعالى عنه : تعلم العلم فإن تعلمه لك حسنة ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه من لا بعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة . وقال على رضى الله تعالى عنه : العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو بالانفاق . وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه : من لا يحب العلم لا خير فيه ، فلا يكن بينك وبينه معرفة ولا صداقة طلب العلم ، يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال حلق الذكر " قال عطاء : مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشترى وتبيع وتصلى وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه ذلك . وقال : من أراد الدنيا فعليه بالعلم ، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم : أي فإنه يحتاج إليه في كل منهما . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة " يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " يسير الفقه خير من كثير