فباليمين أو إزالة الرائحة فباليسار ، وقيل : باليسار مطلقا لأنه إزالة مستقذر ، فكان : كالحجر في الاستنجاء ولينو به السنة كما أنه ينوى بالجماع النسل إن لم يكن للوضوء ، وإلا فنيته تشمله . ويسن أن يعوده الصغير ليألفه . ولو قال : ومن سننه السواك كما قدرته وعبر به في المحرر لكان أولى لئلا يوهم الحصر ، فإن له سننا لم يذكرها وسأذكر شيئا منها إن شاء الله تعالى . ( ويسن للصلاة ) ولو نفلا ، ولكل ركعتين من نحو التراويح أو لمتيمم أو فاقد الطهورين أو صلاة جنازة ولو لم يكن الفم متغيرا أو استاك في وضوئها لخبر الصحيحين : لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة أي أمر إيجاب ، ولخبر : ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك رواه الحميدي بإسناد جيد . واستشكل بأن صلاة الجماعة بخمس أو سبع وعشرين مع أنها فرض كفاية على الأصح ، وأجبت عن ذلك في شرح التنبيه بأجوبة بعضها لشيخنا . وللطواف ولو نفلا ولسجدة تلاوة أو شكر ، ولو نسي أن يستاك قبل تحرمه ثم تذكره بعده هل يسن أن يتداركه كما قيل به في الوضوء أو لا ؟ أفتى بعض المتأخرين بأنه يتدارك بأفعال خفيفة ، والظاهر عدم الاستحباب ، لأن الكفء مطلوب في الصلاة فمراعاته أولى . ( وتغير الفم ) بتثليث فائه ، أو الأسنان بنوم أو أكل أو جوع أو سكوت طويل أم كلام كثير أو نحو ذلك ، لخبر الصحيحين : كان النبي ( ص ) إذا قام من النوم يشوص فاه ، أي يدلكه بالسواك . وقيس بالنوم غيره بجامع التغير . وكما أنه يتأكد فيما ذكر يتأكد أيضا لقراءة قرآن أو حديث ولعلم شرعي كما بحثه بعضهم ، ولذكر الله تعالى ولنوم وليقظة كما مر ، ولدخول منزله وعند الاحتضار ، ويقال إنه يسهل خروج الروح ، وفي السحر ، وللاكل وبعد الوتر وللصائم قبل وقت الخلوف ، كما يسن التطيب قبل الاحرام . ( ولا يكره ) بحال ( إلا للصائم بعد الزوال ) ولو نفلا ، لخبر الصحيحين : لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والخلوف بضم الخاء تغير رائحة الفم . والمراد الخلوف بعد الزوال ، لخبر : أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا . ثم قال : وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك والمساء بعد الزوال ، وأطيبية الخلوف تدل على طلب إبقائه فكرهت إزالته . وتزول الكراهة بالغروب لأنه ليس بصائم الآن . ويؤخذ من ذلك أن من وجب عليه الامساك لعارض كأن نسي نية الصوم لا يكره له السواك بعد الزوال ، وهو كذلك لأنه ليس بصائم حقيقة . والمعنى في اختصاصها بما بعد الزوال أن تغير الفم بالصوم إنما يظهر حينئذ ، قاله الرافعي . ويلزم من ذلك كما قال الأسنوي أن يفرقوا بين من تسحر أو تناول في الليل شيئا أو لا ، فيكره للمواصل قبل الزوال ، وأنه لو تغير فمه بأكل أو نحوه ناسيا بعد الزوال أنه لا يكره له السواك وهو كذلك . ولا يتوهم أنه يستاك لنحو الصلاة بعد الزوال ، لأنه يلزم منه أن لا يبقى خلوف غالبا إذ لا بد بعد الزوال من الصلاة . وأما هذه الأمور فعارضة فلا يؤخذ منها ما ذكر . فإن قيل : لم حرم إزالة دم الشهيد مع أن رائحته كريح المسك كما ورد في الخبر إنهم : يأتون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك وكره إزالة الخلوف مع كونه أطيب من ريح المسك ؟ أجيب بأن في إزالة دم الشهيد تفويت فضيلة على الشهيد لم يؤذن في إزالتها ، فإن فرض أن شخصا سوك صائما بغير إذنه حرم عليه كما هنا ، أو أن شهيدا أزال الدم عن نفسه في مرض يغلب على ظنه الموت فيه سبب القتال كره ، فتفويت المكلف الفضيلة على نفسه جائز وتفويت غيره لها عليه لا يجوز إلا بإذنه . قال أبو الخير القزويني في كتاب خصائص السواك وغيره : فلا يجب السواك على من أكل الميتة عند الاضطرار لإزالة الدسومة النجسة . ويؤخذ من تعليله أن الواجب إزالتها بسواك أو غيره فلا يجب السواك عينا ، وهو ظاهر . قال الترمذي الحكيم : يكره أن يزيد طول السواك على شبر . وفي البيهقي عن جابر قال : كان موضع سواك رسول الله ( ص ) موضع القلم من أذن الكاتب واستحب بعضهم أن يقول في أوله : اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي ، وثبت به لهاتي ، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين . قال المصنف : وهذا لا بأس به وإن لم يكن له أصل فإنه دعاء حسن . فائدة : قوله في الحديث : وخلوف إلخ جملة حالية مقيدة لعاملها ، فيفهم منه أن ذلك في الدنيا وهو الأصح عند ابن الصلاح والسبكي ، وخصصه ابن عبد السلام بالآخرة ، ولا مانع أن يكون فيهما .