وإن أراد السفر بعده كما قاله الامام ، ولا على مريد السفر قبل فراغ الأعمال ، ولا على المقيم بمكة الخارج إلى التنعيم ونحوه ، لأنه ( ص ) أمر أخا عائشة أن يعمرها من التنعيم ولم يأمرها بوداع ، وهذا فيمن خرج لحاجة ثم يعود ، وما مر عن المجموع فيمن أراد دون مسافة القصر فيمن خرج إلى منزله أو محل يقيم فيه كما يقتضيه كلام العمراني وغيره فلا تنافي بينهما . ( ولا يمكث بعده ) وبعد ركعتيه وبعد الدعاء المحبوب عقبه عند الملتزم وإتيان زمزم والشرب من مائها ، لخبر مسلم السابق . فإن مكث لغير حاجة أو لحاجة لا تتعلق بالسفر كالزيارة والعيادة وقضاء الدين فعليه إعادته ، وإن اشتغل بركعتي الطواف أو بأسباب الخروج كشراء الزاد وأوعيته وشد الرحل وأقيمت الصلاة فصلاها معهم كما قاله في زيادة الروضة لم يلزمه إعادته ، والمعتمد أنه ليس من مناسك الحج ولا العمرة كما قاله الشيخان ، بل هو عبادة مستقلة خلافا لأكثر المتأخرين . وتظهر فائدة الخلاف في أنه هل يفتقر إلى نية أو لا ؟ وفي أنه يلزم الأجير فعله أو لا ؟ ولا يدخل تحت غيره من الاطوفة بل لا بد من طواف يخصه ، حتى لو أخر طواف الإفاضة وفعله بعد أيام منى وأراد الخروج عقبه لم يكف كما ذكره الرافعي في أثناء تعليل . ( وهو واجب ) لما في الصحيحين عن ابن عباس أنه قال : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه قد خفف عن المرأة الحائض . ( يجبر تركه بدم ) وجوبا كسائر الواجبات ، ( وفي قول سنة لا يجبر ) بدم كطواف القدوم . وفرق الأول بأن طواف القدوم تحية البقعة ، فليس مقصودا في نفسه ، ولذلك يدخل تحت غيره . تنبيه : لا خلاف في الجبر كما في الشرح والروضة ، وإنما الخلاف في كونه واجبا أو مندوبا ، والأصح أنه مندوب على القول الثاني خلافا لما توهمه عبارة المصنف . ( فإن أوجبناه فخرج ) من مكة أو منى ، ( بلا وداع ) عامدا أو ناسيا أو جاهلا بوجوبه ، ( وعاد ) بعد خروجه ( قبل مسافة القصر ) من مكة ، وقيل : من الحرم ، وطاف للوداع كما صرح به في المحرر ، ( سقط الدم ) لأنه في حكم المقيم ، وكما لو جاوز الميقات غير محرم ثم عاد إليه . فإن قيل : قولهم لأنه في حكم المقيم فيه نظر إذا سوينا بين السفر الطويل والقصير في وجوب الوداع . أجيب بأن سفره هنا لم يتم لعوده بخلافه هنا ، أما إذا عاد ليطوف فمات قبل أن يطوف لم يسقط الدم . فلا وجه لاسقاط ما ذكره المحرر . ( أو ) عاد ( بعدها ) وطاف ، ( فلا ) يسقط ( على الصحيح ) لاستقراره بالسفر الطويل ووقوع الطواف بعد العود حق للخروج الثاني ، والثاني : يسقط كالحالة الأولى ، ويجب العود فيها ولا يجب في الثانية للمشقة . تنبيه : قوله أو بعدها يفهم أن بلوغها ليس كذلك ، وليس مرادا ، والذي في المجموع أن بلوغها كمجاوزتها . ( وللحائض النفر بلا ) طواف ( وداع ) لحديث ابن عباس السابق ، وعن عائشة : أن صفية حاضت فأمرها النبي ( ص ) أن تنصرف بلا وداع . نعم إن طهرت قبل مفارقة بنيان مكة لزمها العود لتطوف ، بخلاف ما إذا طهرت خارج مكة ولو في الحرم وكالحائض النفساء كما في المجموع . وخرج بالحائض المتحيرة فإنها تطوف ، قال الروياني : فإن لم تطف طواف الوداع فلا دم عليها للشك في طهرها . وأما المستحاضة غير المتحيرة فإن نفرت في طهرها لزمها العود على التفصيل المتقدم ، أو في حيضها فلا . ومن حاضت قبل طواف الإفاضة تصير محرمة حتى ترجع لمكة فتطوف ولو طال ذلك سنين . قال بعض المتأخرين : وينبغي أنها إذا وصلت بلدها وهي محرمة عادمة النفقة ولم يمكنها الوصول للبيت الحرام يكون حكمها كالمحصر ، فتحلل بذبح شاة وتقصير ونية تحلل ، وأيد ذلك بكلام في المجموع اه . وهو بحث حسن . وبحث بعض آخر بأنها إن كانت شافعة تقلد الامام أبا حنيفة أو أحمد بن حنبل على إحدى الروايتين عنده في أنها تهجم وتطوف بالبيت ويلزمها توبة وتأثم بدخولها المسجد حائضا ، ويجزئها هذا الطواف عن الفرض لما في بقائها على الاحرام من المشقة . وإذا فرغ من طواف الوداع المتبوع بركعتيه استحب له أن يدخل البيت ما لم يؤذ أو يتأذ بزحام أو غيره ، وأن يكون حافيا ، وأن لا ينظر إلى أرضه ، ولا يرفع بصره إلى سقفه تعظيما لله تعالى وحياء منه . وأن يصلي فيه ولو ركعتين ،