على أنه لا يرخص له في الخروج عن وقت الاختيار . ويعذر في ترك المبيت وعدم لزوم الدم خائف على نفس أو مال أو فوت أمر يطلبه كأبق ، أو ضياع مريض بترك تعهده لأنه ذو عذر ، فأشبه الرعاء وأهل السقاية . وله أن ينفر بعد الغروب كما يؤخذ من التشبيه بأهل السقاية ، وصرح به في أصل الروضة . وتقدم أن المشغول بتدارك الحج عن مبيت مزدلفة ومن أفاض من عرفة ليطوف للإفاضة أنه يعذر في ترك المبيت . ويسن للامام أن يخطب بعد صلاة الظهر يوم النحر بمنى خطبة يعلمهم فيها حكم الطواف والرمي والنحر والمبيت ومن يعذر فيه ، ثم يخطب بهم بعد صلاة الظهر بمنى خطبة ثاني أيام التشريق للاتباع ويعلمهم فيها جواز النفر فيه وما بعده من طواف الوداع وغيره ، ويودعهم ويأمرهم بختم الحج بطاعة الله تعالى . وهاتان الخطبتان لم نر من يفعلهما في زماننا . ( ويدخل رمي ) كل يوم من أيام ( التشريق بزوال الشمس ) من ذلك اليوم للاتباع ، رواه مسلم . ويسن تقديمه على صلاة الظهر كما في المجموع ، ومحله ما لم يضق الوقت وإلا قدم الصلاة إلا أن يكون مسافرا فيؤخرها بنية الجمع . ( ويخرج ) أي وقته الاختياري ( بغروبها ) من كل يوم . و أما وقت الجواز فلا يخرج بذلك كما علم مما مر ومما سيأتي من أن الأظهر أنه لا يخرج إلا بغروبها من آخر أيام التشريق . ( وقيل يبقى إلى الفجر ) كالوقوف بعرفة ، ومحل هذا الوجه في غير اليوم الثالث . أما هو فيخرج وقت رميه بغروب شمسه جزما لخروج وقت المناسك بغروب شمسه . وللرمي شروط ذكرها في قوله : ( ويشترط ) في رمي النحر وغيره ( رمي ) الحصيات ( السبع واحدة واحدة ) للاتباع ، رواه مسلم . والمراد بسبع رميات ، فيجزئ وإن وقعن معا أو سبقت الأخيرة الأولى في الوقوع . فلو رمى السبع مرة واحدة ، أو حصاتين كذلك إحداهما بيمينه والأخرى بيساره لم يحسب إلا واحدة وإن تعاقب الوقوع ، وهذا بخلاف ما لو وجب الحد على إنسان فجلد بمائة مشدودة فإنها تحسب مائة لأن الحدود مبنية على التخفيف ، وأيضا المقصود من الضربات الايلام وهو حاصل ، وأما الرمي فإن الغالب عليه التعبد . وكلام المصنف يشعر بأنه لو رمى حصاة واحدة سبع مرات لم يكف ، وهو وجه رجحه الامام الغزالي ، وقال ابن الصلاح : إنه الأقوى ، واختاره الأذرعي ، إذ المقام مقام اتباع وتعبد . ولكن الأصح عند الشيخين الجواز ، ونقله في المجموع عن اتفاق الأصحاب . ولو رمى جملة السبع سبع مرات أجزأه ، وكلام المتن يفهم خلاف ذلك ولو قال المحرر : ويشترط رمي الحصيات السبع في سبع دفعات لكان أولى . ( وترتيب الجمرات ) بفتح الميم واحدتها جمرة بسكونها ، بأن يبدأ بالجمرة التي تلي مسجد الخيف ، وهي أولا من جهة عرفات ، ثم الوسطى ثم جمرة العقبة للاتباع ، رواه البخاري . ولو بدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم التي تلي المسجد حصلت فقط ، ولو ترك حصاة وشك في محلها جعلها من الأولى احتياطا فيرمي بها إليها ويعيد رمي الجمرتين ، إذ الموالاة بين الرمي في الجمرات لا تجب وإنما تسن فيه كما في الطواف . ولو ترك حصاتين لا يعلم موضعهما احتاط وجعل واحدة من يوم النحر وواحدة من ثالثه وهو يوم النفر الأول من أي جمرة كانت أخذ بالأسوأ . ( و ) يشترط ( كون ) الرمي باليد ، وكون ( المرمي حجرا ) للاتباع ، فلا يكفي الرمي عن قوس ، والرمي بالرجل ، ولا بالمقلاع ، ولا بالرمي بذهب أو فضة أو نحو ذلك كلؤلؤ وإثمد وزرنيخ وجص وجوهر ، ويجزئ الحجر بأنواعه كياقوت وحجر حديد وبلور وعقيق وذهب وفضة ، ويجزئ حجر نورة لم يطبخ بخلاف ما طبخ منه لأنه حينئذ لا يسمى حجرا بل نورة . ( وأن يسمى رميا فلا يكفي الوضع ) في المرمى لأنه لا يسمى رميا ، ولأنه خلاف الوارد . فإن قيل : ذكر اشتراط الرمي غير محتاج إليه ، لأنه قد علم من قوله : ويشترط رمي السبع واحدة واحدة . أجيب بأنه إنما ذكره لئلا يتوهم أن ذلك سبق لبيان التعدد لا للكيفية ، فنص عليه هنا احتياطا . ويشترط أيضا قصد الجمرة بالرمي ، فلو رمى إلى غيرها كأن رمى في الهواء فوقع في المرمى لم يكف . وقضية كلامهم أنه لو رمى إلى العلم المنصوب في الجمرة أو الحائط التي بجمرة العقبة كما يفعله كثير من الناس فأصابه ثم وقع في المرمى لا يجزئ ، قال المحب الطبري : وهو الأظهر عندي ، ويحتمل أنه يجزئه لأنه حصل فيه بفعله مع قصد الرمي الواجب عليه . قال الزركشي : والثاني من احتماليه