الفجر لأن السفر يومها بعد الفجر وقبل الزوال حرام ، فمحله فيمن تلزمه الجمعة ولم يمكنه إقامتها بمنى ، فإن حدث فيها قرية واستوطنها أربعون كاملون صلوا فيها الجمعة لتمكنهم من إقامتها وإن حرم البناء ثم ، ويجوز خروجهم بعد الفجر . ولم يصل النبي ( ص ) الجمعة بعرفة ، مع أنه قد ثبت في الصحيحين أن يوم عرفة الذي وقف فيه النبي ( ص ) كان يوم جمعة . ( ويبيتون ) ندبا ( بها ) فليس بركن ولا واجب بإجماع . ومن البدع القبيحة ما اعتاده بعض الناس في هذه الليلة من إيقاد الشموع وغيرها ، وهو مشتمل على منكرات . قال أبو الحسن الزعفراني : يسن المشي من مكة إلى المناسك كلها إلى انقضاء الحج لمن قدر عليه ، وأن يقصد مسجد الخيف فيصلي فيه ركعتين ، ويكثر التلبية قبلهما وبعدهما ويصلي مكتوبات يومه وصبح غده في مسجدها . ( فإذا طلعت الشمس ) على ثبير بفتح المثلثة : جبل كبير بمزدلفة على يمين الذاهب من منى إلى عرفات . ( قصدوا عرفات ) مارين على طريق ضب ، وهو الجبل المطل على منى ، ويعودون على طريق المأزمين ، وهو بين الجبلين ، اقتداء به ( ص ) في ذلك ، ويسن أن يقول السائر : اللهم إليك توجهت ، وإلى وجهك الكريم أردت ، فاجعل ذنبي مغفورا وحجي مبرورا ، وارحمني ولا تخيبني ، إنك على كل شئ قدير ، وأن يعود في طريق غير الذي ذهب فيه . ( قلت ) كما قال الرافعي في الشرح : ( ولا يدخلونها بل يقيمون بنمرة ) بفتح النون وكسر الميم ، ويجوز إسكانها مع فتح النون وكسرها : موضع ( بقرب عرفات ، حتى تزول الشمس ، والله أعلم ) للاتباع رواه مسلم . ويسن أن يغتسل بنمرة للوقوف ، فإذا زالت الشمس ذهبوا إلى مسجد إبراهيم ( ص ) ، وقيل إنه أحد أمراء بني العباس ، وهو الذي ينسب إليه باب إبراهيم بمكة ، وصدره من عرنة بضم العين وآخره من عرفة ، وتميز بينهما صخرات كبار فرشت هناك . قال البغوي : وصدره محل الخطبة والصلاة . ( ثم يخطب الامام ) أو منصوبه ( بعد الزوال ) قبل صلاة الظهر ، ( خطبتين ) خفيفتين ، يعلمهم في الأولى المناسك ويحثهم على إكثار الذكر والدعاء بالموقف ، ويجلس بعد فراغها بقدر سورة الاخلاص ، وحين يقوم إلى الخطبة الثانية ، وهي أخف من الأولى ، يؤذن للظهر فيفرغ الخطبة الثانية مع فراغ المؤذن من الاذان . فإن قيل : الاذان يمنع سماع الخطبة أو أكثرها فيفوت مقصودها . أجيب بأن المقصود بالخطبة من التعليم إنما هو في الأولى ، وأما الثانية فهي ذكر ودعاء ، فشرعت مع الاذان قصدا للمبادرة بالصلاة . ( ثم ) بعد الفراغ من الخطبتين ، ( يصلي الناس الظهر والعصر جمعا ) تقديما للاتباع في ذلك ، رواه مسلم . ويقصرهما أيضا ، والقصر والجمع هنا وفيما يأتي بالمزدلفة للسفر لا للنسك ، فيختصان بسفر القصر كما مر في باب الجمع بين الصلاتين ، خلافا لما جرى عليه المصنف في مناسكه الكبرى من أن ذلك للنسك ، فيأمر الامام المكيين ومن لم يبلغ سفره مسافة القصر بالاتمام وعدم الجمع ، كأن يقول لهم بعد السلام : يا أهل مكة ومن سفره قصير أتموا فإنا قوم سفر . قال في المجموع نقلا عن الشافعي والأصحاب : إن الحجاج إذا دخلوا مكة ونووا أن يقيموا بها أربعا لزمهم الاتمام ، فإذا خرجوا يوم التروية إلى منى ونووا الذهاب إلى أوطانهم عند فراغ مناسكهم كان لهم القصر من حين خرجوا ، لأنهم أنشأوا سفرا تقصر فيه الصلاة . ثم بعد فراغهم من الصلاة يذهبون إلى الموقف ويعجلون السير إليه ، وأفضله للذكر موقفه ( ص ) ، وهو عند الصخرات الكبار المفترشة في أسفل جبل الرحمة ، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفة ، ويقال له إلال بكسر الهمزة بوزن هلال ، وذكر الجوهري أنه بفتح الهمزة ، والمشهور كما في المجموع الأول ، فإن تعذر الوصول إليها لزحمة قرب منها بحسب الامكان ، وبين موقف النبي ( ص ) ومسجد إبراهيم نحو ميل . أما الأنثى فيندب لها الجلوس في حاشية الموقف ، ومثلها الخنثى . ( و ) يسن أن ( يقفوا ) أي الامام أو منصوبه والناس ( بعرفة إلى الغروب ) للاتباع ، رواه مسلم . والأفضل أن يقفوا بعد الغروب حتى نزول الصفرة قليلا . فإن قيل : قول