عائشة قالت : من حدثكم أن النبي ( ص ) كان يبول قائما فلا تصدقوه ، أي يكره له ذلك إلا لعذر فلا يكره له ذلك ، ولا خلاف الأولى ، فقد ثبت أنه ( ص ) أتى سباطة قوم فبال قائما قيل : إن العرب كانت تستشفي به لوجع الصلب فلعله كان به . وقيل : فعله بيانا للجواز . وقيل لغير ذلك . وفي الاحياء عن الأطباء أن بوله في الحمام في الشتاء قائما خير من شربة دواء . ( و ) لا ( تحت ) شجرة ( مثمرة ) ولو كان الثمر مباحا ، وفي غير وقت الثمر صيانة لها عن التلويث عند الوقوع فتعافها النفس . ولم يحرموه لأن التنجس غير متيقن نعم إذا لم يكن عليها تمر وكان يجري عليها الماء من مطر أو غيره قبل أن تثمر لم يكره ، كما لو بال تحتها ثم أورد عليه ماء طهورا ، ولا فرق في هذا وفي غيره مما تقدم بين البول والغائط إلا في المكان الصلب ومهب الريح فيختصان بالبول ، بل ينبغي فيهما التفصيل في الغائط بين الجامد والمائع ، فيكون المائع كالبول . ( ولا يتكلم ) حال قضاء الحاجة بذكر ولا غيره . وهذا من زيادته من غير تمييز كما مرت الإشارة إليه ، أي يكره له ذلك إلا لضرورة كإنذار أعمى فلا يكره ، بل يجب لخبر : لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك ، رواه الحاكم وصححه . ومعنى يضربان : يأتيان . والمقت البغض ، وهو وإن كان على المجموع فبعض موجباته مكروه ، فلو عطس حمد الله بقلبه ولا يحرك لسانه ، أي بكلام يسمع به نفسه ، إذ لا يكره الهمس ولا التنحنح ، وظاهر كلامهم أن القراءة لا تحرم حينئذ . وقول ابن كج إنها لا تجوز إن حمل على الجواز المستوى الطرفين ، أي فتكره ، فهو موافق لظاهر كلام الأصحاب ولما صرح به في المجموع والتبيان من الكراهة وإلا فضعيف ، وإن قال الأذرعي اللائق بالتعظيم المنع . ويسن أن لا ينظر إلى فرجه ولا إلى الخارج منه ولا إلى السماء ولا يعبث بيده ولا يلتفت يمينا ولا شمالا . ( ولا يستنجي بماء في مجلسه ) إن لم يكن معدا لذلك ، أي يكره له ذلك لئلا يعود عليه الرشاش فينجسه ، بخلاف المستنجي بالحجر والمعد لذلك للمشقة في المعد لذلك ولما سيأتي في الاستنجاء بالحجر ، بل قد يجب حيث لا ماء ، ولو انتقل لتضمخ بالنجاسة وهو يريد الصلاة بالتيمم أو بالوضوء والماء لا يكفي لهما . ويكره أن يبول في المغتسل لقوله ( ص ) : لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه ، ومحله إذا لم يكن ثم منفذ ينفذ منه البول والماء . وعند قبر محترم احتراما له ، قال الأذرعي : وينبغي أن يحرم عند قبور الأنبياء ، وتشتد الكراهة عند قبور الأولياء والشهداء . قال : والظاهر تحريمه بين القبور المتكرر نبشها لاختلاط تربتها بأجزاء الميت اه . وهو حسن . ويحرم على قبر محترم وبمسجد ولو في إناء تنزيها لهما عن ذلك . ( ويستبرئ من البول ) ندبا عند انقطاعه بنحو تنحنح ومشي ، وأكثر ما قيل فيه سبعون خطوة ونثر ذكر . وكيفية النتر أن يمسح بيسراه من دبره إلى رأس ذكره وينتره بلطف ليخرج ما بقي إن كان ، ويكون ذلك بالابهام والمسبحة لأنه يتمكن بهما من الإحاطة بالذكر . وتضع المرأة أطراف أصابع يدها اليسرى على عانتها . قال في المجموع : والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس . والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شئ يخاف خروجه ، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر ، ومنهم من يحتاج إلى تكرره ، ومنهم من يحتاج إلى تنحنح ، ومنهم من لا يحتاج إلى شئ من هذا . وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة ، وإنما لم يجب الاستبراء كما قال به القاضي والبغوي ، وجرى عليه المصنف في شرح مسلم ، لقوله ( ص ) : تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه لأن الظاهر من انقطاع البول عدم عوده . ويحمل الحديث على ما إذا تحقق أو غلب على ظنه بمقتضى عادته أنه إن لم يستبرئ خرج منه شئ . ويكره حشو مخرج البول من الذكر بنحو قطن ، وإطالة المكث في محل قضاء الحاجة ، لما روي عن لقمان : أنه يورث وجعا في الكبد . فإن قيل : شرط الكراهة وجود نهي مخصوص ولم يوجد . أجيب بأن هذا ليس بلازم ، بل حيث وجد النهي وجدت الكراهة ، لا أنها حيث وجدت وجد لكثرة وجودها في كلام الفقهاء بلا نهي مخصوص . ويندب أن يتخذ له إناء للبول ليلا ، قاله في العباب . ( ويقول ) ندبا ( عند ) إرادة ( دخوله ) أو عند وصوله إلى مكان قضاء حاجته بنحو صحراء ، ( باسم الله ) أي أتحصن من الشيطان ، هكذا