الصوم والزكاة والحج ، ولخبر : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه ، المفارق للجماعة ولأنه لا يقتل بترك القضاء مردود بأن القياس متروك بالنصوص ، والخبر عام مخصوص بما ذكر وقتله خارج الوقت إنما هو للترك بلا عذر . على أنا نمنع أنه لا يقتل بترك القضاء مطلقا ، بل في ذلك تفصيل يأتي في خاتمة الباب . ويقتل بترك الجمعة ولو قال أصليها ظهرا كما في زيادة الروضة عن الشاشي ، واختاره ابن الصلاح ، وقال في التحقيق : إنه الأقوى لتركها بلا قضاء ، إذ الظهر ليس قضاء عنها خلافا لما في فتاوى الغزالي ، وجزم به في الحاوي الصغير من عدم القتل . ويقتل بخروج وقتها بحيث لا يتمكن من فعلها إن لم يتب ، فإن تاب لم يقتل ، وتوبته أن يقول لا أتركها بعد ذلك كسلا . ومحل الخلاف كما قال الأذرعي فيمن لزمه الجمعة إجماعا ، فإن أبا حنيفة يقول : لا جمعة إلا على أهل مصر جامع . ومقابل الصحيح أوجه : أحدها : يقتل إذا ضاق وقت الثانية ، لأن الواحد يحتمل تركها لشبهة الجمع . والثاني : إذا ضاق وقت الرابعة ، لأن الثلاث أقل الجمع فاغتفرت . والثالث : إذا ترك أربع صلوات ، قال ابن الرفعة : لأنه يجوز أن يكون قد استند إلى تأويل من ترك النبي ( ص ) يوم الخندق أربع صلوات . والرابع : إذا صار الترك له عادة . والخامس : لا يعتبر وقت الضرورة . ( ويستتاب ) عن الكل قبل القتل ، لأنه ليس أسوأ حالا من المرتد ، وهي مندوبة كما صححه في التحقيق وإن كان قضية كلام الروضة والمجموع أنها واجبة كاستتابة المرتد . والفرق على الأول أن جريمة المرتد تقتضي الخلود في النار فوجبت الاستتابة رجاء نجاته من ذلك ، بخلاف تارك الصلاة ، فإن عقوبته أخف ، لكونه يقتل حدا ، بل مقتضى ما قاله المصنف في فتاويه من كون الحدود تسقط الاثم أنه لا يبقى عليه شئ بالكلية ، لأنه قد حد على هذه الجريمة ، والمستقبل لم يخاطب به وتوبته على الفور ، لأن الامهال يؤدي إلى تأخير صلوات . وفي قول يمهل ثلاثة أيام ، والقولان في الندب ، وقيل في الوجوب . ولو قتله في مدة الاستتابة أو قبلها إنسان أثم ، ولا ضمان عليه كقاتل المرتد . ولو جن أو سكر قبل فعل الصلاة لم يقتل ، فإن قتل وجب القود ، بخلاف نظيره في المرتد لا قود على قاتله لقيام الكفر ، ذكره في المجموع . وقول الأذرعي : نعم إن كان قد توجه عليه القتل وعاند قبل جنونه أو سكره فإنه لا قود على قاتله مبني على أن التوبة واجبة . ( ثم ) إن لم يتب ولم يبد عذرا ( تضرب عنقه ) بالسيف ، ( وقيل : ينخس بحديدة ) وقيل : يضرب بخشبة أي عصا ، ( حتى يصلي أو يموت ) لأن المقصود حمله على الصلاة لا قتله . ( و ) بعد الموت حكمه حكم المسلم الذي لم يترك الصلاة من أنه ( يغسل ) ثم يكفن ( ويصلي عليه ) بعد غسله ، كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في الباب الآتي . ( ويدفن مع المسلمين ) في مقابرهم ، ( ولا يطمس قبره ) كسائر أصحاب الكبائر من المسلمين . وقيل : لا يفعل معه شئ من هذه الأشياء ويطمس قبره إهانة له ، وعلى هذا يدفن في مقبرة منفردة كما قاله بعض المتأخرين ، لا في مقابر المسلمين ولا في مقابر الكفار . فإن أبدى عذرا كأن قال : تركتها ناسيا أو للبرد أو لعدم الماء أو لنجاسة كانت علي أو نحوها من الاعذار صحيحة كانت في نفس الامر أو باطلة لم يقتل ، لأنه لم يتحقق منه تعمد تأخيرها عن الوقت بغير عذر ، لكن نأمره بها بعد ذكر العذر وجوبا في العذر الباطل ، وندبا في الصحيح ، كما قاله شيخنا ، بأن نقول له : صل فإن امتنع لم يقتل لذلك . فإن قال : تعمدت تركها بلا عذر ، قتل سواء أقال ولم أصلها أو سكت ، لتحقق جنايته بتعمد التأخير . تنبيه : قول المتن : ثم تضرب عنقه قيده الأسنوي وغيره بما إذا لم يتب ولا حاجة إليه ، لأن الكلام فيما إذا تركها فإذا صلاها زال الترك . فإن قيل : لم لم يقل وإن تاب فإنه يقتل حدا والحدود لا تسقط بالتوبة ، والقتل على التأخير عن الوقت عمدا كما في زيادة الروضة ، وقد وجد فكيف تنفعه التوبة ، فهي كمن سرق نصابا ثم رده فإن القطع لا يسقط ؟ أجيب بأن الحد إنما هو على ترك فعل الصلاة ، وقد فعل الصلاة التي كان الحد لأجل تركها كما قاله الأذرعي وغيره ، أو أنه أعطى تأخير الصلاة عن الوقت عمدا مع تركها ، فالعلة مركبة منهما كما قاله ابن شهبة فإذا صلى زالت العلة وهذا أولى . خاتمة : من ترك الصلاة بعذر كنوم أو نسيان لم يلزمه قضاؤها فورا ، لكن يسن له المبادرة بها أو بلا عذر لزمه