من النقد في الأولى لكثرته أو لم يحصل شئ من غيره في الثانية لقلته حرم استعماله ، وكذا اتخاذه في الأصح أخذا مما سبق ، فالعلة مركبة من تضييق النقدين والخيلاء وكسر قلوب الفقراء ، والثاني : يحرم ذلك للخيلاء وكسر قلوب الفقراء في الأولى والتضييق في الثانية . ويحرم تمويه سقف البيت وجدرانه وإن لم يحصل منه شئ بالعرض على النار ، وتحرم استدامته إن حصل منه شئ بالعرض عليها وإلا فلا . ( و ) يحل ( النفيس ) بالذات من غير النقدين ، أي استعماله واتخاذه ، ( كياقوت ) وفيروزج وبلور - بكسر الباء وفتح اللام - ومرجان وعقيق ، والمتخذ من الطيب المرتفع كمسك وعنبر وعود ، ( في الأظهر ) لأنه لم يرد فيه نهي ولا يظهر فيه معنى السرف والخيلاء لكنه يكره ، والثاني : يحرم للخيلاء وكسر قلوب الفقراء ، ورد بأن ذلك لا يعرفه إلا الخواص . أما النفيس بالصنعة كزجاج وخشب محكم الخرط والمتخذ من طيب غير مرتفع فيحل بلا خلاف . ومحل الخلاف أيضا في غير فص الخاتم ، أما هو فإنه جائز قطعا كما قاله في شرح المهذب . فائدة : عن أنس أن النبي ( ص ) قال : من اتخذ خاتما فصه ياقوت نفي عنه الفقر ، قال ابن الأثير : يريد أنه إذا ذهب ماله باع خاتمه فوجد به غنى ، قال : والأشبه إن صح الحديث أن يكون لخاصية فيه ، كما أن النار لا تؤثر فيه ولا تغيره . وقيل : من تختم به أمن من الطاعون وتيسرت له أسباب المعاش ويقوى قلبه وتهابه الناس ويسهل عليه قضاء الحوائج . وقيل : إن الحجر الأسود من ياقوت الجنة ، فمسحه المشركون فاسود من مسحهم . وقيل : إن النبي ( ص ) أعطى عليا فصا من ياقوت وأمره أن ينقش عليه لا إله إلا الله ففعل وأتى إلى النبي ( ص ) ، فقال له ( ص ) : لم زدت محمد رسول الله ؟ فقال : والذي بعثك بالحق ما فعلت إلا ما أمرتني به فهبط جبريل عليه ( ص ) وقال : يا محمد إن الله تعالى يقول لك أحببتنا فكتبت اسمنا ونحن أحببناك فكتبنا اسمك . ( وما ضبب ) من إناء ( بذهب أو فضة ضبة كبيرة ) وكلها أو بعضها وإن قل ، ( لزينة حرم ) استعماله واتخاذه . وأصل الضبة أن ينكسر الاناء فيوضع على موضع الكسر نحاس أو فضة أو غيره لتمسكه ، ثم توسع الفقهاء فأطلقوه على إلصاقه به وإن لم ينكسر . ( أو صغيرة بقدر الحاجة فلا ) يحرم للصغر ولا يكره للحاجة ، ولما رواه البخاري عن عاصم الأحول قال : رأيت قدح رسول الله ( ص ) عند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وكان قد انصدع - أي انشق - فسلسله بفضة أي شده بخيط فضة ، والفاعل هو أنس كما رواه البيهقي ، قال أنس : لقد سقيت رسول الله ( ص ) في هذا القدح أكثر من كذا وكذا . ( أو صغيرة ) وكلها أو بعضها ، ( لزينة ، أو كبيرة ) كلها ( لحاجة جاز ) مع الكراهة فيهما ( في الأصح ) أما في الأولى فللصغر ولقدرة معظم الناس على مثلها ، وكره لفقد الحاجة ، وأما في الثانية فللحاجة وكره للكبر . والثاني يحرم نظرا للزينة في الأولى وللكبر في الثانية . ( وضبة موضع الاستعمال ) لنحو شرب ( كغيره ) فيما ذكر من التفصيل ( في الأصح ) لأن الاستعمال منسوب إلى الاناء كله ، ولان معنى العين والخيلاء لا يختلف بل قد تكون العين الزينة في غير موضع الاستعمال أكثر ، والثاني : يحرم إناؤها مطلقا لمباشرتها بالاستعمال . ( قلت : المذهب تحريم ) إناء ( ضبة الذهب ) سواء أكان معه غيره أم لا ( مطلقا ) أي من غير تفصيل كما مر ( والله أعلم ) لأن الخيلاء فيه أشد من الفضة ، ولان الحديث المار في الفضة ، ولا يلزم من جوازها جوازه لأنها أوسع بدليل جواز الخاتم للرجل منها . ومقابل المذهب أن الذهب كالفضة فيأتي فيه ما مر كما نقله الرافعي عن الجمهور . ومعنى الحاجة غرض إصلاح الكسر ، ولا يعتبر العجز عن التضبيب بغير الذهب والفضة ، لأن العجز عن غيرهما يبيح استعمال الاناء الذي كله ذهب أو فضة فضلا عن المضبب به . ومرجع الكبر والصغر العرف ، وقيل : الكبيرة ما تستوعب جانبا من الاناء ، وقيل : ما كانت جزءا كاملا كشفة أو أذن والصغيرة دون ذلك ، وقيل : ما يلمع للناظر من بعد كبير ، وما لا فصغير ، فإن شك في كبرها فالأصل الإباحة ، قاله في المجموع . ويشكل على ذلك ما قالوه في باب اللباس من أنه لو شك في ثوب فيه حرير وغيره هل الأكثر حريرا أو لا ، أنه يحرم استعماله ، وكذا لو شك