بخلاف السفر والقديم جوازه ، ونص عليه في الاملاء أيضا قياسا على السفر . ( وشرط التقديم ) بعد شروطه السابقة في جمعه بالسفر ( وجوده ) أي المطر ( أولهما ) أي الصلاتين لتحقق الجمع مع العذر ، ( والأصح اشتراطه عند سلام الأولى ) ليتصل بأول الثانية ، ويؤخذ منه اعتبار امتداده بينهما وهو ظاهر ولا يضر انقطاعه فيما عدا ذلك . والثاني : لا يشترط وجوده عند سلام الأولى كما في الركوع والسجود . ( والثلج والبرد كمطر إن ذابا ) لبلهما الثوب والشفان ، وهو بفتح الشين المعجمة لا بضمها كما وقع في بعض نسخ الروضة ولا بكسرها كما وقع للقمولي ، وبتشديد الفاء : برد ريح فيه بلل كالمطر . ( والأظهر ) وفي الروضة الأصح ، ( تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة ) بمصلى ( بمسجد ) أو غيره ( بعيد ) عن باب داره عرفا ، بحيث ( يتأذى بالمطر في طريقه ) إليه نظرا إلى المشقة وعدمها ، بخلاف من يصلي ببيته منفردا أو جماعة أو يمشي إلى المصلى في كن أو كان المصلى قريبا فلا يجمع لانتفاء التأذي . وأما جمعه ( ص ) بالمطر مع أن بيوت أزواجه كانت بجنب المسجد فأجابوا عنه بأن بيوتهن كانت مختلفة وأكثرها كان بعيدا ، فلعله حين جمع لم يكن بالقريب ، وبان للامام أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر كما صرح به ابن أبي هريرة وغيره وبخلاف من يصلي منفردا بمصلى لانتفاء الجماعة فيه . قال المحب الطبري : ولمن اتفق له وجود المطر وهو بالمسجد ، أي أو نحوه ، أن يجمع وإلا لاحتاج إلى صلاة العصر ، أي أو العشاء في جماعة ، وفيه مشقة في رجوعه إلى بيته ثم عوده أو في إقامته . وكلام غيره يقتضيه ، والثاني : يترخص مطلقا . تنبيه : يجمع العصر مع الجمعة في المطر كما مر وإن لم يكن موجودا حال الخطبة لأنها ليست من الصلاة ، وقد علم مما مر أنه لا جمع بغير السفر والمطر كمرض وريح وظلمة وخوف ووحل ، وهو المشهور لأنه لم ينقل ، ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح . وحكى في المجموع عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات ، وقال : وهو قوي جدا في المرض والوحل . واختاره في الروضة ، لكن فرضه في المرض ، وجرى عليه ابن المقري . قال في المهمات : وقد ظفرت بنقله عن الشافعي اه . وهذا هو اللائق بمحاسن الشريعة ، وقد قال تعالى : * ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) * وعلى ذلك يستحب أن يراعي الأرفق بنفسه ، فمن يحم في وقت الثانية يقدمها بشرائط جمع التقديم ، أو في وقت الأولى يؤخرها بالامرين المتقدمين ، وعلى المشهور قال في المجموع : وإنما لم يلحقوا الوحل بالمطر كما في عذر الجمعة والجماعة لأن تاركهما يأتي ببدلهما ، والجامع يترك الوقت بلا بدل ، ولان العذر فيهما ليس مخصوصا ، بل كل ما يلحق به مشقة شديدة والوحل منه ، وعذر الجمع مضبوط بما جاءت به السنة ولم تجئ بالوحل . تتمة : إذا جمع الظهر والعصر قدم سنة الظهر التي قبلها ، وله تأخيرها سواء أجمع تقديما أم تأخيرا وتوسيطها إن جمع تأخيرا سواء أقدم الظهر أم العصر ، وإذا جمع المغرب والعشاء أخر سنتهما ، وله توسيط سنة المغرب إن جمع تأخيرا وقدم المغرب وتوسيط سنة العشاء إن جمع تأخيرا وقدم العشاء ، وما سوى ذلك ممنوع ، وعلى ما مر من أن للمغرب والعشاء سنة مقدمة ، فلا يخفى الحكم مما تقرر في جمعي الظهر والعصر . خاتمة : قد جمع في الروضة ما يختص بالسفر الطويل وما لا يختص ، فقال : الرخص المتعلقة بالسفر الطويل أربع : القصر ، والفطر ، والمسح على الخف ثلاثة أيام ، والجمع على الأظهر . والذي يجوز في القصير أيضا أربع : ترك الجمعة ، وأكل الميتة وليس مختصا بالسفر ، والتنفل على الراحلة على المشهور ، والتيمم وإسقاط الفرض به على الصحيح فيهما ، ولا يختص هذا بالسفر أيضا كما مر في باب التيمم ، نبه عليه الرافعي . وزيد على ذلك صور : منها ما لو سافر المودع ولم يجد المالك ولا وكيله ولا الحاكم ولا الأمين فله أخذها معه على الصحيح . ومنها ما لو استصحب معه ضرة زوجته بقرعة فلا قضاء عليه ، ولا يختص بالطويل على الصحيح ، ووقع في المهمات تصحيح عكسه . قال الزركشي : وهو سهو .