القصير أو المشكوك في طوله في الامن بلا خلاف ولا في الخوف على الأصح ، ولا فرق في ذلك بين الصبح وغيرها . وأما خبر مسلم : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة فأجيب عنه بأنه يصلي في الخوف ركعة مع الإمام وينفرد بأخرى . ( المباح ) أي الجائز لا مستوي الطرفين ، سواء أكان واجبا كسفر حج ، أو مندوبا كزيارة قبر النبي ( ص ) ، أو مباحا كسفر تجارة ، أو مكروها كسفر منفرد ، فلا قصر في سفر المعصية كما سيأتي . ولو خرج لجهة معينة تبعا لشخص لا يعلم سبب سفره ، أو لتنفيذ كتاب لا يعلم ما فيه ، فالمتجه كما قال الأسنوي إلحاقه بالمباح ، والاتمام جائز كما يعلم مما سيأتي ، فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة قالت : يا رسول الله قصرت - بفتح التاء - وأتممت - بضمها - وأفطرت - بفتحها - وصمت - بضمها - قال : أحسنت يا عائشة وأما خبر : فرضت الصلاة ركعتين أي في السفر كما مر فمعناه لمن المراد الاقتصار عليهما جمعا بين الأدلة . وما ضبطت به الحديث قاله بعض مشايخنا ، وقال بعضهم : يجوز عكس الضبط المذكور إذ ليس في الحديث ما يدل على الأول . ثم بين محترز قوله مؤداة فقال : ( لا فائتة الحضر ) أي لا تقصر إذا قضيت في السفر لأنها ثبتت في ذمته تامة ، وكذا لا تقصر في السفر فائتة مشكوك في أنها فائتة سفر أو حضر احتياطا ، ولان الأصل الاتمام . ( ولو قضى فائتة السفر ) الطويل المباح ( فالأظهر قصره في السفر ) الذي كذلك وإن كان غير سفر الفائتة ، ( دون الحضر ) نظرا إلى وجود السبب . والثاني : يقصر فيهما لأنه إنما يلزمه في القضاء ما كان يلزمه في الأداء . والثالث : يتم فيهما لأنها صلاة ردت إلى ركعتين ، فإذا فاتت أتى بالأربع كالجمعة . والرابع : إن قضاها في ذلك السفر قصر وإلا فلا . وقد علم مما تقرر أن المراد من نفي الحصر للقصر في المقضية ما ذكر فيها من التفصيل على الراجح فيضم منه إلى المؤداة مقضية فائتة السفر فيه ، ولو سافر في أثناء الوقت ولو بعد مضي ما يسع تلك الصلاة قصر على النص ، فإن بقي ما يسع ركعة إلى أقل من أربع ركعات قصر أيضا إن قلنا إنها أداء وهو الأصح وإلا فلا . تنبيه : سيأتي في الجمع أنه لو نوى التأخير وبقي من الوقت ما لا يسع الصلاة بكمالها - كما يؤخذ من كلام المجموع وحمل الشارح عبارة الروضة عليه - أن الصلاة تصير قضاء ولا جمع ، وفرق بأن النية ضعيفة بخلاف ما لو أوقع ركعة في الوقت فإنها تكون أداء ، فيؤخذ من ذلك أن صورة هذه المسألة أنه أوقع ركعة في السفر وإلا فتكون مقضية حضر فلا تقصر . وهذا ظاهر لمن تأمله وإن لم يذكره أحد فيما علمت ، وقد عرضت ذلك على شيخنا الشيخ ناصر الدين الطبلاوي فقبله واستحسنه . ( ومن سافر من بلدة ) لها سور ( فأول سفره مجاوزة سورها ) المختص بها وإن تعدد كما قاله الإمام وغيره أو كان داخله مزارع وخراب ، لأن ما في داخل السور معدود من نفس البلد محسوب من موضع الإقامة ، وإن كان لها بعض سور وهو صوب سفره اشترط مجاوزته . ( فإن كان وراءه عمارة ) كدور ملاصقة له عرفا ، ( اشترط مجاوزتها ) أيضا ( في الأصح ) لأنها من مواضع الإقامة المعدودة من توابع البلد فيثبت لها حكمه . ( قلت : الأصح لا يشترط ) مجاوزتها ( والله أعلم ) لأن ذلك لا يعد من البلد ، ألا ترى أنه يقال سكن فلان خارج البلد ؟ ويؤيده قول الشيخ أبي حامد : لا يجوز لمن في البلد أن يدفع زكاته لمن هو خارج السور لأنه نقل للزكاة . وإطلاق الشيخين في الصوم اشتراط مفارقة العمران حيث قالا : وإذا نوى ليلا ثم سافر فله الفطر إن فارق العمران قبل الفجر وإلا فلا يحمل على ما إذا سافر من بلد لا سور لها ليوافق ما هنا ، وهذا هو المعتمد ، وقيل : يبقى على إطلاقه . ويفرق بأنه ثم لم يأت للعبادة ببدل بخلافه هنا . والسور وهو بالواو لا بالهمزة الخندق كما قاله الجيلي . قال الأذرعي : وهل للسور المنهدم حكم العامر ؟ فيه نظر اه . والأقرب كما قال شيخنا أن له حكمه خلافا للدميري في قوله : إنه كالعدم . ( فإن لم يكن ) لها ( سور ) مطلقا أو في صوب سفره أو لها سور غير مختص بها كأن جمع معها قرية أو أكثر ولو مع التقارب ، ( فأوله ) أي سفره ( مجاوزة العمران ) وإن تخلله نهر أو بستان أو خراب حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل ليفارق محل الإقامة ، ( لا ) مجاوزة ( الخراب ) الذي هجر بالتحويط على العامر