فائدة : المقدرات أربعة أقسام : أحدها : ما هو تقريب بلا خلاف ، كسن الرقيق المسلم فيه أو الموكل في شرائه . ثانيها : تحديد بلا خلاف ، كتقدير مسح الخف ، وأحجار الاستنجاء ، وغسل الولوغ ، والعدد في الجمعة ، ونصب الزكوات والأسنان المأخوذة فيها ، وسن الأضحية والأوسق في العرايا ، والحول في الزكاة والجزية ، ودية الخطأ ، وتغريب الزاني ، وإنظار المولى والعنين ، ومدة الرضاع ، ومقادير الحدود . ثالثها : تحديد على الأصح ، فمنه أميال مسافة القصر ، ومنه تقدير خمسة أوسق بألف وستمائة رطل ، الأصح أنه تحديد . ووقع للمصنف أنه صحح في رؤوس المسائل أنه تقريب ، ونسب فيه للسهو . رابعها : تقريب على الأصح ، كسن الحيض والمسافة بين الصفين . ( والتغير المؤثر ) حسا أو تقديرا ، ( بطاهر أو نجس طعم أو لون أو ريح ) أي أحد الثلاثة كاف ، أما النجس فبالاجماع ، وأما الطاهر فعلى المذهب . ويعتبر في التغير التقديري بالطاهر المخالف الوسط المعتدل ، وبالنجس المخالف الأشد كما مر . وخرج بالمؤثر بطاهر التغير اليسير به ، وبالمؤثر بنجس التغير بجيفة على الشط قرب الماء ، وهذا هو المراد إذ ليس لنا تغير بنجس لا يؤثر . ( ولو اشتبه ) على أحد ( ماء ) أو تراب ( طاهر ) أي طهور ( ب ) - ماء أو تراب ( نجس ) أي متنجس أو بماء أو تراب مستعمل ، ( اجتهد ) في المشتبهين منهما لكل صلاة أرادها بعد الحدث وجوبا إن لم يقدر على طاهر بيقين ، موسعا إن لم يضق الوقت ، ومضيقا إن ضاق ، وجوازا إن قدر على طهور بيقين ، كأن كان على شط نهر أو بلغ الماءان قلتين بالخلط بلا تغير لجواز العدول إلى المظنون مع وجود المتيقن ، لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كان بعضهم يسمع من بعض مع قدرته على المتيقن ، وهو سماعه من النبي ( ص ) . قال الولي العراقي : ولا حاجة لهذا التفصيل بل هو محمول على الوجوب مطلقا ، ووجود متيقن لا يمنع وجوب الاجتهاد في هذين لأن كلا من خصال المخير يصدق عليه أنه أوجب اه . وفيما قاله كما قال الجلال الكبري نظر ، وإن كنت جريت عليه في شرح التنبيه ، لأنه مع وجود الطاهر بيقين اختلف في جواز الاجتهاد فيه كما سيأتي فضلا عن وجوبه ، والأفضل عدم الاجتهاد ، فمطلوب الترك كيف يوصف بوجوبه فإن قيل : لابس الخف الأفضل له الغسل مع أن الواجب عليه أحد الامرين . قلت : لم يختلف هناك في جواز المسح مع القدرة على الغسل بخلافه هنا . والاجتهاد والتحري والتأخي بذل الجهد في طلب المقصود . والجهد بفتح الجيم وضمها هو الطاقة ، قال تعالى : * ( فأولئك تحروا رشدا ) * . وقال الشاعر : فتحريت أحسب الثغر عقدا * لسليمي وأحسب العقد ثغرا فلثمت الجميع قطا لشكي * وكذا فعل كل من يتحرى ( وتطهر بما ظن طهارته ) أي طهوريته بأمارة كاضطراب أو رشاش أو تغير أو قرب كلب ، فيغلب على الظن نجاسة هذا وطهارة غيره ، وله معرفة ذلك بذوق أحد الإناءين . ولا يقال يلزم منه ذوق النجاسة ، لأن الممنوع ذوق النجاسة المتيقنة ، نعم ممتنع عليه ذوق الإناءين لأن النجاسة تصير متيقنة كما أفاده شيخي ، وإن خالف في ذلك بعض العصريين ، فلو هجم وأخذ أحد المشتبهين من غير اجتهاد وتطهر به لم تصح طهارته وإن وافق الطهور بأن انكشف له الحال ، لتلاعبه . ( وقيل إن قدر على طاهر ) أي طهور ( بيقين ) كأن كان على شط نهر في استعمال الماء أو في صحراء في استعمال التراب ، ( فلا ) يجوز له الاجتهاد كمن بمكة ولا حائل بينه وبين الكعبة ، وقال ( ص ) : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم والترمذي . وأجاب الأول بأن القبلة في جهة واحدة فإذا قدر عليها كان طلبه لها في غيرها عبثا ، وبأن الماء مال وفي الاعراض عنه تفويت مالية مع إمكانها بخلاف القبلة ، وعن الحديث بأنه محمول على الندب . فإن قيل : كان ينبغي للمصنف أن يقول على طاهر معين فإن أحد المشتبهين طاهر بيقين ، أجيب بأنه لا حاجة إلى ذلك لأنه وإن كان طاهرا بيقين لا يقدر عليه ، وقد فرض المصنف الخلاف فيما إذا قدر على طاهر بيقين . ( والأعمى ) في الاجتهاد فيما ذكر ، ( كبصير في الأظهر ) لأنه يدرك الامارة باللمس أو الشم أو الذوق على ما تقدم أو الاستماع ، كاضطراب الغطاء ، وقضية التعليل بما ذكر أن الأعمى لو فقد هذه الحواس التي يدرك بها ذلك أنه لا يجتهد . قال الأذرعي : وينبغي الجزم به وهو حسن ، والثاني لا يجتهد لأن