لخبر أبي داود والنسائي السابق فلا تجب على النساء كما مر ، ومثلهن الخناثى ، ولا على من فيه رق لاشتغالهم بخدمة السادة ، ولا على المسافرين كما جزم به في التحقيق ، وإن نقل السبكي وغيره عن نص الام أنها تجب عليهم أيضا ، ولا على العراة بل هي والانفراد في حقهم سواء إلا أن يكونوا عميا أو في ظلمة فتستحب لهم ، ولا في مقضية خلف مقضية من نوعها بل تسن ، أما مقضية خلف مؤداة أو بالعكس أو خلف مقضية ليست من نوعها فلا تسن ، ولا في منذورة بل ولا تسن . وليست الجماعة فرض عين لخبر الصحيحين السابق أول الباب فإن المفاضلة تقتضي جواز الانفراد ، وأهل البوادي الساكنين بها كغيرهم بخلاف الناجعين لرعي ونحوه . ( وقيل ) هي ( فرض عين ) عند اجتماع هذه الشروط ، وليست بشرط في صحة الصلاة كما في المجموع ( والله أعلم ) لحديث : لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار رواه الشيخان . وأجيب بأنه بدليل السياق ورد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون ، وبأنه ( ص ) لم يحرقهم وإنما هم بتحريقهم . فإن قلت : لو لم يجز تحريقهم لما هم به . أجيب بلعله هم بالاجتهاد ثم نزل وحي بالمنع أو تغير الاجتهاد ، ذكره في المجموع . وبما تقرر علم ما في كلام المصنف من الاجحاف . ( و ) الجماعة ( في المسجد لغير المرأة ) ومثلها الخنثى ، ( أفضل ) منها في غير المسجد كالبيت وجماعة المرأة ، والخنثى في البيت أفضل منها في المسجد لخبر الصحيحين : صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة أي فهي في المسجد أفضل ، لأن المسجد مشتمل على الشرف والطهارة وإظهار الشعائر وكثرة الجماعة ، وقال ( ص ) : لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن رواه أبو داود وصححه الحاكم على شرط الشيخين . ومثل النساء الخناثى . ويكره لذوات الهيئات حضور المسجد مع الرجال ، ويكره للزوج والسيد والولي تمكينهن منه ، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها : لو أن رسول الله ( ص ) رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل ولخوف الفتنة ، أما غيرهن فلا يكره لهن ذلك . ويندب لمن ذكر إذا استأذنه أن يأذن لهن إذا أمن المفسدة لخبر مسلم : إذا استأذنتكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن . فإن لم يكن لهن زوج أو سيد أو ولي ووجدت شروط الحضور حرم المنع . قال في المجموع : قال الشافعي والأصحاب : ويؤمر الصبي بحضور المساجد وجماعات الصلاة ليعتادها ، وتحصل فضيلة الجماعة للشخص بصلاته في بيته أو نحوه بزوجة أو ولد أو رقيق أو غير ذلك ، وأقلها اثنان كما مر . ( وما كثر جمعه ) من المساجد كما قاله الماوردي ( أفضل ) مما قل جمعه منها ، وكذا ما كثر جمعه من البيوت أفضل مما قل جمعه منها ، أي فالصلاة في الجماعة الكثيرة أفضل من الصلاة في الجماعة القليلة فيما ذكر . قال ( ص ) : صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان وغيره . وقضية كلام الماوردي أن قليل الجمع في المسجد أفضل من كثيره في البيت وهو كذلك ، وإن نازع في ذلك الأذرعي بالقاعدة المشهورة وهي أن المحافظة على الفضيلة المتعلقة بالعبادة أولى من المحافظة على الفضيلة المتعلقة بمكانها ، لأن أصل الجماعة وجد في الموضعين وامتازت هذه بالمسجد فمحل القاعدة المذكورة ما لم تشاركها الأخرى كان يصلى في البيت جماعة وفي المسجد منفردا . نعم لو كان إذا ذهب إلى المسجد وترك أهل بيته لصلوا فرادى أو لتهاونوا أو بعضهم في الصلاة ، أو لو صلى في بيته لصلى جماعة وإذا صلى في المسجد صلى وحده فصلاته في بيته أفضل . والصلاة في المساجد الثلاثة وإن قلت الجماعة فيها أفضل منها في غيرها وإن كثرت ، بل قال المتولي : الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها . قال الأذرعي : وتنازع فيه القاعدة السابقة ، وربما يقال القاعدة المذكورة أغلبية . وأفتى الغزالي أنه لو كان إذا صلى منفردا خشع ولو صلى في جماعة لم يخشع ، فالانفراد أفضل ، وتبعه ابن عبد السلام ، قال الزركشي : والمختار بل الصواب خلاف ما قالاه ، وهو كما قال . ( إلا لبدعة إمام ) كمعتزلي وقدري ورافضي ، أو كان فاسقا غير مبتدع ،