قال الأصحاب : ويدفعه بيده هو مستقر في مكانه ، ولا يحل له المشي إليه لأن مفسدة الشئ أشد من المرور ، وقضية هذا أن الخطوة أو الخطوتين حرام وإن لم تبطل بهما الصلاة وليس مرادا ، أي لا يحل حلا مستوي الطرفين فيكره . ولو دفعه ثلاث مرات متواليات بطلت صلاته كما في الأنوار ، وتقدم الفرق بينه وبين التصفيق . وبما تقرر علم ما في كلام المصنف من الاجحاف فإنه لم يذكر حكم الصلاة إلى ما ذكر من جدار وما بعده ، وكلامه يوهم أن الشاخص وغيره سواء ، ولم يبين طول السترة ولا قدر ما بينه وبينها وغير ذلك مما يظهر بالتأمل . فائدة : لو وضع سترة فأزالها الريح أو غيرها فمن علم حاله فمروره كمروره مع وجود السترة دون من لم يعلم ، ولو صلى بلا سترة فوضعها له شخص آخر فالظاهر كما قاله ابن الأستاذ تحريم المرور حينئذ نظرا لوجودها لا لتقصير المصلي . قال في المجموع : ويكره أن يصلي وبين يديه رجل أو امرأة يستقبله ويراه اه . ولا تبطل صلاته بمرور شئ بين يديه كامرأة وكلب وحمار للأخبار الصحيحة الدالة عليه ، وأما خبر مسلم : يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار فالمراد منه قطع الخشوع للشغل بها ، والظاهر أن بعض الصفوف لا يكون سترة لبعضها كما هو ظاهر كلامهم . ( قلت : يكره الالتفات ) في الصلاة بوجهه يمنة أو يسرة فإنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد كما صح في البخاري ولمنافاته الخشوع . وقد روى أبو داود والنسائي : لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه ولهذا قال المتولي بحرمته ، وقال الأذرعي : والمختار أنه إن تعمد مع علمه بالخبر حرم بل تبطل إن فعله لعبا اه . ومحل الخلاف إذا لم تكن حاجة كما قال : ( لا لحاجة ) فلا يكره ، لأنه ( ص ) كان في سفر فأرسل فارسا إلى شعب من أجل الحرس ، فجعل يصلي وهو يلتفت إلى الشعب رواه أبو داود بإسناد صحيح . أما صدره فإن حوله عن القبلة بطلت صلاته كما علم من فصل الاستقبال ، وخرج بما ذكر اللمح بالعين دون الالتفات فإنه لا بأس به ، ففي صحيح ابن حبان من حديث علي بن شيبان قال : قدمنا على النبي ( ص ) وصلينا معه فلمح بمؤخر عينه رجلا لا يقيم صلبه في الركوع والسجود ، فقال : لا صلاة لمن لا يقيم صلبه . ( و ) يكره ( رفع بصره إلى السماء ) لحديث البخاري : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال : لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ولذلك قال الأذرعي : والوجه تحريمه على العامد العالم بالنهي المستحضر له اه . وروي أنه ( ص ) : كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ، فنزل : * ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) * فطأطأ رأسه رواه الحاكم من حديث أبي هريرة وقال : إنه على شرط الشيخين . ويكره نظر ما يلهي عن الصلاة كثوب له أعلام لخبر عائشة : كان النبي ( ص ) يصلي وعليه خميصة ذات أعلام ، فلما فرغ قال : ألهتني هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانيته [1] رواه الشيخان . ( و ) يكره ( كف شعره أو ثوبه ) لحديث : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوبا ولا شعرا رواه الشيخان ، واللفظ لمسلم . ومن ذلك كما في المجموع أن يصلي وشعره معقوص أو مردود تحت عمامته أو ثوبه أو كمه مشمر ، ومنه شد الوسط وغرز العذبة . والمعنى في النهي عن كف ذلك أنه يسجد معه ، ولذا نص الشافعي على كراهة الصلاة ، وفي إبهامه الجلدة التي يجر بها وتر القوس ، قال : لأني آمره أن يفضي ببطون كفيه إلى الأرض . ( و ) يكره ( وضع يده على فمه ) لثبوت النهي عنه ولمنافاته لهيئة الخشوع . ( بلا حاجة ) فإن كان لها كما إذا تثاءب فإنه لا يكره بل يستحب وضعها لصحة الحديث في ذلك . قال ابن الملقن : والظاهر أنه يضع اليسرى لأنها لتنحية الأذى ، ويكره التثاؤب لخبر مسلم : إذا تثاءب أحدكم وهو في الصلاة فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال ها ها ضحك الشيطان منه قال في المجموع : ويكره التثاؤب في غير الصلاة أيضا ، ويكره النفخ لأنه عبث ومسح الحصى ونحوه حيث يسجد ، لخبر أبي داود بإسناد على شرط الشيخين : لا تمسح الحصى وأنت تصلي ، فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة تسوية للحصى
[1] الأنبجانية بكسر الباء ويروى بفتحها : كساء يتخذ من الصوف وله خمل ولا علم له وهو من أدون الثياب الغليظة اه من النهاية .