في الذكر والدعاء ، والأفضل جعل يمينه إليهم ويساره إلى المحراب ، وقيل عكسه ، وقال : الصيمري وغيره : يستقبلهم بوجهه في الدعاء . وقولهم : من أدب الدعاء استقبال القبلة مرادهم غالبا لا دائما . ويسن الاكثار من الذكر والدعاء ، قال في المهمات : وقيد الشافعي رضي الله عنه استحباب إكثار الذكر والدعاء بالمنفرد والمأموم ، ونقله عنه في المجموع ، لكن لقائل أن يقول يسن للإمام أن يختصر فيهما بحضرة المأمومين ، فإذا انصرفوا طول ، وهذا هو الحق اه . وهم لا يمنعون ذلك . فائدة : قال بعض العلماء : خاطب الله هذه الأمة بقوله : * ( فاذكروني أذكركم ) * فأمرهم أن يذكروه بغير واسطة ، وخاطب بني إسرائيل بقوله : * ( اذكروا نعمتي ) * لأنهم لم يعرفوا الله إلا بها . فأمرهم أن يتصوروا النعم ليصلوا بها إلى ذكر المنعم . ( و ) يسن ( أن ينتقل للنفل ) أو الفرض ( من موضع فرضه ) أو نفله لتكثير مواضع السجود فإنها تشهد له . ولو قال : وأن ينتقل لصلاة من محل إلى آخر لكان أشمل وأخصر واستغنى عن التقدير المذكور . قال في المجموع : فإن لم ينتقل فليفصل بكلام إنسان . قال الشافعي والأصحاب : يستحب للإمام إذا سلم أن يقوم من مصلاه عقب سلامه إذا لم يكن خلفه نساء ، قال الأصحاب : لئلا يشك هو أو من خلفه هل سلم أو لا ، ولئلا يدخل غريب فيظنه بعد في صلاته فيقتدي به اه . قال الأذرعي : والعلتان تنتفيان إذا حول وجهه إليهم أو انحرف عن القبلة اه . وينبغي كما بحثه بعضهم أن يستثني من ذلك ما إذا قعد مكانه يذكر الله بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس لأن ذلك كحجة وعمرة تامة ، رواه الترمذي عن أنس ، أما إذا كان خلفه نساء فسيأتي . ( وأفضله ) أي الانتقال للنفل من موضع صلاته ، ( إلى بيته ) لقوله ( ص ) : صلوا أيها الناس في بيوتكم ، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة رواه الشيخان . وسواء في هذا المسجد الحرام ومسجد المدينة والأقصى وغيرها لعموم الحديث . والحكمة فيه بعده من الرياء ولا يلزم من كثرة الثواب التفضيل ، وفي صحيح مسلم : إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل ( في بيته ) من صلاته خيرا والمراد صلاة النافلة ، وروي : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا وروي : مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت . واستثني من ذلك النافلة يوم الجمعة لفضيلة البكور ، وركعتا الطواف وركعتا الاحرام إذا كان في الميقات مسجد أو خاف فوت الراتبة لضيق وقت ، أو بعد منزله ، أو خاف التهاون بتأخيرها ، أو كان معتكفا . وقال القاضي أبو الطيب : إذا أخفى نافلته في المسجد كان أفضل من البيت . وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق بين الليل والنهار ولا بين أن يكون المسجد مهجورا أو لا . ( وإذا صلى وراءهم نساء مكثوا ) أي مكث الإمام بعد سلامه ومكث معه الرجال قدرا يسيرا يذكرون الله تعالى . ( حتى ينصرفن ) ويسن لهن أن ينصرفن عقب سلامه للاتباع في ذلك ، رواه البخاري ، ولان الاختلاط بهن مظنة الفساد . أما الخناثى فالقياس انصرافهم فرادى بعد النساء وقبل الرجال . ( وأن ينصرف ) المصلي بعد فراغه من صلاته ( في جهة حاجته ) أي جهة كانت إن كان له حاجة ، ( وإلا ) بأن لم يكن له حاجة أو له حاجة لا في جهة معينة ، ( فيمينه ) أي فينصرف في جهة يمينه لأن التيامن محبوب ، نقله في المجموع عن النص والأصحاب ، لكن ذكر المصنف في الرياض أنه يستحب في الحج والعمرة والصلاة وعيادة المريض وسائر العبادات أن يذهب من طريق ويرجع من أخرى . قال الأسنوي : وبين الكلامين تناف وقد يقال إنه لا تنافي ، ويحمل قولهم أنه يرجع في جهة يمينه إذا لم يرد أن يرجع في طريق أخرى أو وافقت جهة يمينه ، وإلا فالطريق الأخرى أولى لتشهد له الطريقان . وظاهر كلامهم أنه لا يكره أن يقال انصرفنا من الصلاة ، وهو كذلك ، فقد نقل ابن عدي في كامله عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ( ص ) كان إذا انصرف من الصلاة قال : اللهم بحمدك انصرفت وبذنبي اعترفت وأعوذ بك من شر ما اقترفت وإن أسند الطبري عن ابن عباس أنه يكره ذلك لقوله تعالى : * ( ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ) * . ( وتنقضي القدوة بسلام الإمام ) التسليمة الأولى لخروجه الصلاة بها ، فلو سلم المأموم