بالمختار ، ( إن لم يخف ) منه ( ضررا ) على نفسه أو غيره لعدم ورود نهي فيه كما مر ، فإن خاف منه ضررا كره . قال ابن النقيب : وينبغي أن يحرم في بعض صوره ، وأفتى ابن عبد السلام بأنه إذا كان عدم ذلك يشوش عليه خشوعه أو حضور قلبه مع ربه فالتغميض أولى من الفتح . ( و ) يسن ( الخشوع ) فيتصف به ظاهره وباطنه ويستحضر أنه واقف بين يدي ملك الملوك يناجيه وأن صلاته معروضة عليه ، ومن الجائز أن يردها عليه ولا يقبلها . والأصل في ذلك قوله تعالى : * ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) * فسره علي رضي الله تعالى عنه بلين القلب وكف الجوارح ، وخبر مسلم : ما من عبد مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين يقبل عليهما بوجهه وقلبه إلا وجبت له الجنة وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : أن النبي ( ص ) رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة ، فقال : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة ، ولذلك قيل إنه شرط في جزء من الصلاة ، فلو سقط رداؤه أو طرف عمامته كره له تسويته إلا لضرورة كما ذكره في الاحياء . ( و ) يسن ( تدبر القراءة ) أي تأملها ، لأن بذلك يحصل مقصود الخشوع والأدب ، قال تعالى : * ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) * . ويسن ترتيل القراءة وهو التأتي فيها ، بل قال القاضي حسين : يكره تركه والاسراع في القراءة . ويسن للقارئ في الصلاة وخارجها إذا مر بآية الرحمة أن يسأل الله الرحمة ، أو بآية عذاب أن يستعيذ منه ، أو بآية تسبيح أن يسبح ، أو بآية مثل أن يتفكر . وإذا قرأ : * ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) * قال : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ، وإذا قرأ : * ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) * قال : آمنت بالله ، وإذا قرأ : * ( فمن يأتيكم بماء معين ) * قال : الله رب العالمين . ( و ) يسن تدبر ( الذكر ) قياسا على القراءة . وقد يفهم من هذا أن من قال سبحان الله مثلا غافلا عن مدلوله وهو التنزيه يحصل له ثواب ما يقوله ، وهو كذلك ، وإن قال الأسنوي فيه نظر . ( و ) يسن ( دخول الصلاة بنشاط ) للذم على ترك ذلك ، قال تعالى : * ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) * والكسل : الفتور عن الشئ والتواني فيه وضده النشاط ، وأنشد الشيخ أبو حيان في ذم من ينتمي إلى الفلاسفة : وما انتسبوا إلى الاسلام إلا لصون دمائهم أن لا تسألا فيأتون المناكر في نشاط ويأتون الصلاة وهم كسالى ( وفراغ قلب ) من الشواغل الدنيوية ، لأنه أعون على الخضوع والخشوع . وقال القاضي حسين : يكره أن يفكر في صلاته في أمر دنيوي أو مسألة فقهية ، أما التفكر في أمور الآخرة فلا بأس به ، وأما فيما يقرؤه فمستحب . فائدة فيها بشرى : روى ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا : إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو على عاتقه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه ، أي حتى لا يبقى منها شئ إن شاء الله تعالى . ( و ) يسن ( جعل يديه تحت صدره ) وفوق سرته في قيامه وفي بدله ، ( آخذا بيمينه يساره ) بأن يقبض بيمينه كوع يساره وبعض ساعدها ورسغها للاتباع ، روى بعضه مسلم وبعضه ابن خزيمة والباقي أبو داود . وقيل : يتخير بين بسط أصابع اليمنى في عرض المفصل وبين نشرها صوب الساعد . والأصح كما في الروضة أن يحط يديه بعد التكبير تحت صدره ، وقيل : يرسلهما ثم يستأنف نقلهما إلى تحت صدره . قال الإمام : والقصد من القبض المذكور تسكين اليدين فإن أرسلهما ولم يعبث بهما فلا بأس كما نص عليه في الام . والكوع هو العظم الذي يلي إبهام اليد ، والرسغ المفصل بين الكف والساعد ، وأما البوع فهو العظم الذي يلي إبهام الرجل كما قال بعضهم : وعظم يلي الابهام كوع وما يلي * لخنصره الكرسوع والرسغ في الوسط وعظم يلي إبهام رجل ملقب * ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط و ) يسن ( الدعاء في سجوده ) لما روى مسلم أن النبي ( ص ) قال : أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أي حقيق أن يستجاب لكم وفي رواية له : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء