المبادرة . قال الإمام : ذهب ذاهبون من أئمتنا إلى المبالغة ، واغتفر آخرون الفصل اليسير وضبطه بقدر ما بين صلاتي الجمع اه . وينبغي اعتماد الثاني . وخروج الدم بلا تقصير منهما لا يضر ، فإن كان خروجه لتقصير في الشد ونحوه كالحشو بطل وضوؤها وكذا صلاتها إن كانت في صلاة ، ويبطل أيضا وضوؤها بالشفاء وإن اتصل بآخره . ( ويجب الوضوء لكل فرض ) ولو منذورا كالمتيمم لبقاء الحدث ، وإنما جوزت الفريضة الواحدة للضرورة . وخرج بالفرض النفل فلها أن تتنفل ما شاءت بوضوء . وتقدم أن صلاة الجنازة حكمها النافلة . ( وكذا ) يجب لكل فرض ( تجديد العصابة ) وما يتعلق بها من غسل وحشو ( في الأصح ) قياسا على تجديد الوضوء ، والثاني : لا يجب تجديدها ، لأنه لا معنى للامر بإزالة النجاسة مع استمرارها . ومحل الخلاف إذا لم يظهر الدم على جوانب العصابة ولم تزل العصابة عن موضعها زوالا له وقع وإلا وجب التجديد بلا خلاف ، لأن النجاسة قد كثرت مع إمكان تقليلها . ( ولو انقطع دمها بعد الوضوء ) أو فيه وقبل الصلاة أو فيها ( ولم تعتد انقطاعه وعوده ) ولم يخبرها ثقة عارف بعوده ، ( أو اعتادت ) ذلك أو أخبرها من ذكر بعوده ، ( ووسع ) بكسر السين ، ( زمن الانقطاع ) بحسب العادة أو بإخبار من ذكر ( وضوءا والصلاة وجب الوضوء ) وإزالة ما على الفرج من الدم . أما في الأولى فلاحتمال الشفاء ، والأصل عدم عوده . وأما في الثانية فلامكان أداء الصلاة على الكمال في الوقت ، فلو خالفت وصلت بلا وضوء لم تنعقد صلاتها سواء امتد الانقطاع أم لا لشروعها مترددة في طهرها . ولو عاد الدم فورا لم يبطل وضوؤها إذ لم يوجد الانقطاع المغني عن الصلاة بالحدث والنجس ، والمراد ببطلان وضوئها بذلك إذا خرج منها دم في أثنائه أو بعده وإلا فلا يبطل وتصلي به قطعا ، صرح به في المجموع وكذا في البسيط وغيره ، ووجهه بأنه بان أن طهرها رافع حدث . وشمل كلامه كغيره ما لو كانت عادته العود على ندور ، وهو ما نقله الرافعي عن مقتضى كلام معظم الأصحاب ، ثم قال : ولا يبعد أن تلحق هذه النادرة بالمعدومة وهو مقتضى كلام الغزالي اه . والأول أوجه ، فلو عاد الدم قبل إمكان الطهر والصلاة المتطهر لها في الحالتين فطهرها بحاله فتصلي به لكن تعيد ما صلت به قبل العود . ولو اعتادت العود عن قرب فامتد الزمن بحيث يسع ما ذكر وقد صلت بطهرها ، تبين بطلان الطهارة والصلاة اعتبارا بما في نفس الامر . ومن اعتادت انقطاعه في أثناء الوقت ووثقت بانقطاعه فيه بحيث تأمن الفوات ، لزمها انتظاره لاستغنائها حينئذ عن الصلاة بالحدث والنجس ، وإلا ففيه التفصيل المذكور في المتيمم الذي يرجو الماء في آخر الوقت . وجزم صاحب الشامل بوجوب التأخير ، قال الزركشي : وهو الوجه ، كما لو كان على بدنه نجاسة ورجا الماء آخر الوقت فإنه يجب التأخير عن أول الوقت لإزالة النجاسة فكذا هنا اه . والأوجه الأول . وإنما أوجبنا عليها التأخير فيما إذا اعتادت انقطاعه لأن العادة منزلة منزلة القدرة . تنبيه : اختلف في العادة التي تسع الوضوء والصلاة ، قال الأذرعي : هل المراد بقولهم مدة تسعهما مع سننهما أم ما يسع أقل ما يجزئ منهما أم يفرق بين المتأكد من سننها وغيره ؟ لم أر فيه نصا ، وهو محتمل . وقال الأسنوي : لم يبينا هنا مقدار الصلاة ، والمتجه الجاري على القواعد اعتبار أقل ما يمكن كركعتين في ظهر المسافر ، وقال في الروضة بعد ذكر ما في الكتاب : فإن كان يسيرا لا يسع الطهارة والصلاة التي طهرت لها فلها الشروع في الصلاة اه . والمتجه أن العبرة بالواجب من الوضوء ومن الصلاة التي تطهرت لها ، ولو عبر المصنف بالطهارة بدل الوضوء لكان أولى ليشمل ما زدته بعده . وطهارة المستحاضة مبيحة للصلاة وغيرها لا ترفع حدثا كما مر في الوضوء ، وقيل : ترفعه ، وقيل : ترفع الماضي دون غيره . وكل من به حدث دائم حكمه حكم المستحاضة فيما ذكر ، وكذا من به جرح سائل فيما عدا الوضوء . ومن دام خروج منيه يلزمه الغسل لكل فرض ، ولو استمسك السلس بالقعود دون القيام وجب عليه أن يصلي من قعود احتياطا للطهارة ولا إعادة عليه . ولا يجوز له أن يعلق قارورة ليتقطر فيها بوله ، لأنه يصير حاملا للنجاسة في غير معدنها بلا ضرورة . ويجوز وطئ المستحاضة في الزمن المحكوم عليه بأنه طهر ، ولا كراهة في ذلك وإن كان الدم جاريا .