من أنهما ليسا بنبيين ، فلا يكره إفراد الصلاة والسلام عليهما كما يؤخذ من أذكار المصنف لأنهما يرتفعان عن حال من يقال فيه رضي الله عنه . ولا تكره الصلاة من الأنبياء والملائكة على غيرهما لأنهما حقهما فلهما الانعام بهما على غيرهما ، وقد صح أنه ( ص ) قال : اللهم صل على آل أبي أوفى والسلام كالصلاة فيما ذكر لأنه تعالى قرن بينهما ، لكن المخاطبة به مستحبة للاحياء والأموات من المسلمين ابتداء وواجبة جوابا كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى ، وما يقع منه غيبة في المراسلات فمنزل منزلة ما يقع خطابا . ويسن الترضي والترحم على غير الأنبياء من الأخيار ، قال في المجموع : وما قاله بعض العلماء من أن الترضي مختص بالصحابة والترحم بغيرهم ضعيف . كتاب الصيام هو والصوم لغة الامساك ، ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم : * ( إني نذرت للرحمن صوما ) * أي إمساكا وسكوتا عن الكلام . وشرعا : إمساك عن المفطر على وجه مخصوص . والأصل في وجوبه قبل الاجماع مع ما يأتي آية : * ( كتب عليكم الصيام ) * ، وخبر : بني الاسلام على خمس . وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة . وأركانه ثلاثة : صائم ، ونية ، وإمساك عن المفطرات . ( يجب صوم رمضان ) للأدلة السابقة . وهو معلوم من الدين بالضرورة ، فمن جحد وجوبه فهو كافر إلا أن يكون قريب العهد بالاسلام ، أو نشأ بعيدا عن العلماء . ومن ترك صومه غير جاحد من غير عذر كمرض وسفر ، كأن قال الصوم واجب علي ولكن لا أصوم حبس ومنع الطعام والشراب نهارا ليحصل له صورة الصوم بذلك . سمي رمضان من الرمض ، وهو شدة الحر ، لأن العرب لما أرادت أن تضع أسماء الشهور وافق أن الشهر المذكور كان في شدة الحر فسمي بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع . وما قيل من أنه سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب ، أي يحرقها ، ضعيف لأن التسمية ثابتة قبل الشرع . قال ابن عبد السلام : وهو أفضل الأشهر . وفي الحديث : رمضان سيد الشهور . ولا يكره قول رمضان بدون الشهر على الأصح في شرحي المهذب ومسلم ، وما نقله أكثر الأصحاب من كراهته لحديث ورد فيه ضعفه البيهقي وغيره . وإنما يجب ( بإكمال شعبان ثلاثين ) يوما ( أو رؤية الهلال ) ليلة الثلاثين منه ، لقوله ( ص ) : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين رواه البخاري . ويضاف إلى الرؤية وإكمال العدد ظن دخوله بالاجتهاد عند الاشتباه كما سيأتي في كلامه . والظاهر كما قال الأذرعي أن الامارة الظاهرة الدالة كرؤية القناديل المعلقة بالمناثر في آخر شعبان في حكم الرؤية . وأفهم كلامه أنه لا يجب بقول المنجم ولا يجوز ، والمراد بآية : * ( وبالنجم هم يهتدون ) * الاهتداء إلى أدلة القبلة في السفر . ولكن له أن يعمل بحسابه كالصلاة ، ولظاهر هذه الآية ، وصححه في المجموع وقال إنه لا يجزئه عن فرضه . وصحح في الكفاية أنه إذا جاز أجزأه ، ونقله عن الأصحاب ، ورجحه الزركشي تبعا للسبكي ، قال : وصرح به في الروضة فيما يأتي في الكلام على أن شرط النية الجزم ، وهذا هو المعتمد . والحاسب : وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني . ولا عبرة أيضا بقول من قال : أخبرني النبي ( ص ) في النوم بأن الليلة أول رمضان ، فلا يصح الصوم به بالاجماع لفقد ضبط الرائي ، لا للشك في الرؤية . وهل تثبت بالشهادة على الشهادة ؟ طريقان ، أصحهما القطع بثبوته كالزكاة ، وقيل : لا ، كالحدود . ( وثبوت رؤيته ) يحصل ( بعدل ) سواء كانت السماء مصحية أم لا ، لأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رآه فأخبر رسول الله ( ص ) بذلك فصام وأمر الناس بصيامه ، رواه أبو داود وصححه ابن حبان . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : جاء أعرابي إلى رسول الله ( ص ) فقال : إني رأيت هلال رمضان ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟