نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 14
لذلك نجده شديد الحب لآل بيت رسول الله الذي هو منهم أيضا . فلذلك لما رماه الحاسدون بالرفض أنشد وقال : إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافض وهذا التعلق بأهل البيت لم يجره إلى النيل من الشيخين أبي بكر وعمر والطعن في خلافتهما ، بل كان يرى لهما ولغيرهما من الصحابة فضلا في نشر الاسلام وإعلاء كلمة الله . معنى الحرية في نظر الشافعي : كان الشافعي يرى الحرية في القناعة ، والذل كل الذل في الطلب والسؤال فيقول . العبد حر إن قنع * والحر عبد إن قنع فاقنع ولا تقنع فلا * شئ يشين سوى الطمع فلذلك نحد القناعة والاعتزاز بالرضا بما قسم الله ماثلا في قوله : أمطري لؤلؤ جبال سرنديب * وفيضي آبار تكرور تبرا أنا إن عشت لست أعدم قوتا * وإذا مت لست أعدم قبرا همتي همة الملوك ونفسي * نفس حرة ترى المذلة كفرا دخل على الشافعي طالب بعد انتهاء الدرس وقال له : أوصني فقال الشافعي : يا بني خلقك الله حرا فكن كما خلقك وفاته : أقام الشافعي في مصر خمس سنين وتسعة أشهر من 28 شوال سنة 198 ه إلى 29 رجب سنة 204 ه يعلم الناس ويؤلف ثم أصابه نزف شديد بسبب البواسير فاشتد به الضعف فلم يستطع الخروج لمزاولة التدريس فزاره تلميذه " المزني " فسأله عن حاله فقال : أصبحت والله لا أدري ، أروحي تساق إلى الجنة فأهنئها ، أم إلى النار فأعزيها ؟ ثم رفع بصره إلى السماء وقال أبياتا ، منها : ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي * جعلت الرجا مني لعفوك سلما تعاظمني ذنبي فلا قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما وبعد ذلك نظر إلى من حوله من أهله وقال لهم : إذا أنا مت فاذهبوا إلى الوالي واطلبوا منه أن يغسلني . وفي ليلة الجمعة الأخيرة من شهر رجب سنة 204 ه بعد العشاء الأخيرة فاضت روحه الطاهرة إلى باريها بين يدي تلميذه " الربيع الجيزي " وانتشر خبر وفاته في مصر فعم أهلها الحزن فخرجوا يريدون حمله على أعناقهم وهو في اضطراب من شدة الزحام . وأصبح يوم الجمعة وذهب أهله إلى الوالي وطلبوا منه الحضور لغسل الإمام كما أوصى ، فقال لهم الوالي : هل ترك الإمام دينا ؟ قالوا : نعم ، فأمر الوالي بقضاء ذلك الدين ، ثم نظر إليهم وقال لهم : هذا معنى غسلي له وبعد صلاة العصر خرجت الجنازة فما وصلت شارع السيدة نفيسة الآن خرجت السيدة نفيسة وأمرتهم بإدخال النعش إلى بيتها فصلت عليه وترحمت ، ثم سير بالجنازة إلى القرافة الصغرى المعروفة وقتئذ بتربة أولاد عبد الحكم وفيها الشافعي وعرفت بعد دفنه بتربة الشافعي إلى وقتنا هذا :
14
نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 14