نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 12
ابتدأ الشافعي حياته العلمية في مصر وصار يلقي دروسه بجامع عمرو بن العاص ، فكان يشتغل بالتدريس من الفجر إلى عليه صلاة الظهر وكانت دروسه متنوعة فكان بعد صلاة صبح مباشرة يجئ أهل القرآن فيقرءون ويسمعون منه ، وإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث ، فإذا كان الضحوة الصغرى قاموا وحضر قوم للمناظرة ثم يجئ أهل العربية والعروض والشعر والنحو ولا يزالون كذلك إلى قرب انتصاف النهار ، وبعد ذلك ينصرف الشافعي إلى داره ومعه بعض تلاميذه كالمزني ، والربيع الجيزي ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ويقول : الدنيا سفر ولا بد للسفر من العصا ، وهو أول من سن سنة العمل في مصر إلى الظهر ، وكان يشتغل في التدريس من الفجر إلى الظهر . وكان العلماء يتلقون عنه العلم في الجامع وعلى باب داره إلا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم فإنه كان يصعد إلى أعلى الدار ويتغدى عند الشافعي ، وإذا نزل أركبه دابته وأتبعه بصره حتى يغيب ، فإذا غاب كان يقول : وددت لو أن لي ولدا مثله وعلي ألف دينار لا أجد لها وفاء . فتلقى عن الشافعي العلم علماء كثيرون ، منهم الربيع الجيزي ( وقد سميت الجيزة باسمه ) والبويطي ، وإسماعيل المزني ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وحرملة التجيبي وغيرهم ، وكلهم صاروا أئمة في الدين والأدب . ونبغ على الشافعي أيضا نساء كثيرات كالسيدة أخت المزني التي أخذ عنها العلماء وأدرج اسمها في جدول كبار فقهاء الشافعية . وكان الربيع الجيزي أكثر الناس ملازمة للإمام الشافعي . وكان الشافعي مغرما بقصب السكر ، حتى كان يمازح جالسيه ويقول لهم : ما أقمت في مصر إلا حبا بالقصب . مكانته العلمية : كان الشافعي رضي الله عنه حائزا القدح المعلى في كل فن ، كان في العربية مرموق المكانة ويكفي أن الراوية لأشعار العرب " الأصمعي " كان يفتخر حيث تلقى على الشافعي أشعار الهذليين . ولما قال الشافعي ذاكرا أقسام المياه الماء المالح ، انتقده البعض حيث لم يقل " الملح " جريا مع القرآن ( وهذا ملح أجاج ) انبرى الزمخشري رادا على هؤلاء المنتقدين ، وبين أن الشافعي حجة في اللغة وأورد قول الشاعر العربي . فلو تفلت في البحر والبحر مالح * لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا ثم تمثل الزمخشري وقال : وكم من عائب قولا صحيحا * وآفته من الفهم السقيم . كما أن الشافعي على قدم راسخة في علم الفلك ، والطب ، والأنواء ، والنجوم المتنقلة في سيرها وغير المتنقلة ، يعرف هذا كل من قرأ سيرته في المؤلفات الخاصة في مناقبه . حدة ذكائه وفراسته : أما الكلام على ذكائه وحدة فراسته فمتسع الجوانب نذكر منها مسألة واحدة وهي : بينما الشافعي في مجلسه إذا أتاه آت وقال له : سل العالم المكي هل في تزاور * وضم لمشتاق الفؤاد جناح ؟
12
نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 12