نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 445
فاستوفى عمله ولم يعطه أجره أقول الحكمة في كون الله خصمهم أنهم جنوا على حقه سبحانه وتعالى فإن الذي أعطى به ثم غدر جنى على عهد الله تعالى بالجناية والنقض وعدم الوفاء ومن حق الله تعالى أن يوفي بعهده والذي باع حرا فأكل ثمنه جنى على حق الله تعالى فإن حقه في الحر إقامته لعبادته التي خلق الجن والإنس لها قال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فمن استرق حرا فقد عطل عليه العبادات المختصة بالأحرار كالجمعة والحج والجهاد والصدقة وغيرها وكثيرا من النوافل المعارضة لخدمة السيد فقد ناقض حكمة الله في الوجود ومقصوده من عباده فلذلك عظمت هذه الجريمة ومن هنا تنبيه لفائدة عظيمة سئل عنها في الميعاد وهي أن كثيرا من الأحرار يختارون بيع أنفسهم وأولادهم لملك من الملوك أو ذي جاه ليحصل له بذلك من الرتبة والمنزلة والمال ما لا يحصل لكثير من الأحرار فكيف يعظم الإثم على من ذلك وهكذا كثير من الجواري والعبيد لا يختارون العتق ويضرهم العتق في تحصيل المعيشة فتكون الجارية والعبد مكفية المئونة في عيش رغد عند سيدها فيعتقها فتبقى كلا على الناس هكذا رأينا كثيرا من المعتقين فكيف يكون في عتق هذه من الأجر ما ورد في أجر العتق والجواب أنك أيها السائل ناظر إلى المصالح الدنيوية والشارع ناظر إلى المصالح الأخروية وكم بينهما والحر يتفرغ لعبادة الله تعالى ولذلك جعل العتق كفارة القتل ليوجد نفسا مثل التي أعدمها تعبد الله تعالى فالذي يرغب في الرق لتحصيل الرفعة في الدنيا والجاه والمال رغب في شيء يسير فإن ترك العبادة والارتداد منها التي كل واحدة منها خير من الدنيا وما عليها ولذلك الجارية والعبد الكاره للعتق إنما كرهه لجهله فإن الرق يفوت عليه مصالح الآخرة الكثيرة الباقية فكيف يرغب فيه لمصلحة قليلة فانية والعتق تحصل له السعادة الأبدية ويتوكل في الرزق على الله تعالى فإن رزقه رزقا رغدا حصلت له الدنيا والآخرة إلا حصلت له الآخرة فهو على كل راع إذا نظر إلى الآخرة وهو مقصود الشارع ولكن غالب الجهلة ينظرون إلى الحظوظ الدنيوية فلذلك عظم وقع هذا السؤال عندهم والمتقون لا ينظرون لذلك والله أعلم قلت والرجل الذي استأجر أجيرا مستوف عمله ولم يعطه أجره بمنزلة من استعبد الحر وعطله عن كثير من نوافل العبادة فيشابه الذي باع حرا فأكل ثمنه فلذلك عظم ذنبه والله أعلم انتهى كلام الشيخ الإمام . * ( مسألة ) * رجل استأجر مطلقته لإرضاع ابنته منها في بلد معين ثم سافرت المطلقة
445
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 445