responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي    جلد : 1  صفحه : 93


305 - ومنهم من قال ألقي في روعه كل ما [1] سن وسنته الحكمة الذي [2] القي في روعه عن الله فكان ما [3] ألقي في روعه سنته [4] 306 - [5] أخبرنا عبد العزيز [6] عن عمرو بن أبي عمرو [7] عن المطلب قال قال رسول الله " إن الروح الأمين قد ألقي في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فأجملوا في الطلب [8] "



[1] كل ما رسمتا في الأصل كلما وهو رسم معروف للقدماء .
[2] في ج التي وفي ب للذي وكلاهما مخالف للأصل .
[3] في ب مما بدل ما وهو مخالف للأصل .
[4] زيد بحاشية الأصل بعد كلمة سنته : عن الله وهذه الزيادة بخط مخالف لخط الأصل . وقد أدخلت هذه الزيادة في ج .
[5] هنا في ج زيادة قال الشافعي وليست في الأصل .
[6] عبد العزيز : هو بان محمد الدراوردي الذي سبق ذكره في هذا الاسناد في رقم 289 . وقد كتب هنا بحاشية الأصل بخط غير خطه الدراوردي . وقد زيد في اسمه هنا في ب بن محمد وليس ذلك في الأصل . وكتب في ج عبد العزيز بن محمد الدناوردي وهو خطأ سخيف .
[7] عمرو بفتح العين ، وكتب في ج عمر وهو خطأ . وعمرو بن أبي عمرو : هو مولى المطلب بن حنطب ، وهو من شيوخ مالك ، تابعي ثقة معروف . وقد كتب فوق اسمه في الأصل بين السطرين مولى المطلب بن حنطب وذلك بخط مخالف لخط الأصل . فأدخله الناسخون في صلب الكلام ، وبذلك جاء في النسخ المطبوعة ، الا ان ب جاء فيها مولى المطلب عن المطلب بن حنطب و ج جاء فيها مولى المطلب بن حنطب قال : قال رسول الله فاسقط من الاسناد شيخ عمرو ، وكل ذلك مخالف للأصل ، وبعضه خطأ واضح .
[8] جاء هذا الحديث في النسخ الثلاث المطبوعة هكذا : ما تركت شيئا مما أمركم الله به الا وقد أمرتكم به ، ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه الا وقد نهيتكم عنه . الا وان الروح الأمين الخ . وهذه الزيادة هي نفس الحديث الذي مضى برقم 289 جمعت مع الحديث الذي هنا ، وجمع بينهما بكلمة الا ثم واو العطف . واسناد الحديثين واحد ، وقد يكون الشافعي رواهما في موضع آخر حديثا واحدا ، كما جمعهما أبو العباس الأصم في مسند الشافعي ص 80 من طبعة شركة المطبوعات العلمية وص 203 من هامش الجزء السادس من الام ولكنه لم يروهما في كتاب الرسالة الا حديثين مفرقين في موضعين ، وان كان اسنادهما واحدا . ولكن جاء بعض القارئين في أصل الربيع وزاد هذه الزيادة في هذا الموضع في حاشيته بخط آخر جديد ، وضاع بعض كلماتها من تأكل أطراف الورق . والكلام على هذين الحديثين يستتبع الكلام على متنيهما وعلى اسنادهما : وقد قال أبو السعادات بن الأثير في شرحه على مسند الشافعي وهو مخطوط بدار الكتب المصرية بعد أن نقلهما عن المسند حديثا واحدا : هذا حديث مشهور دائر بين العلماء ، واعرف فيه زيادة لم أجدها في المسند ، وهي الا فاتقوا الله قبل قوله فأجملوا في الطلب وهذا الحديث أخرجه الشافعي في أول كتاب الرسالة ، مستدلا به على العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يتضمنه القرآن . وقد جاء في معنى الحديثين حديث عن الحسن بن علي قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر يوم غزوة تبوك ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا أيها الناس اني ما آمركم الا ما أمركم به الله ، ولا أنهاكم الا عن ما نهاكم الله عنه ، فأجملوا في الطلب ، فوالذي نفس أبي القاسم بيده ان أحدكم ليطلبه رزقه كما يطلبه اجله ، فان تعسر عليكم منه شئ فاطلبوه بطاعة الله عز وجل ) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4 : 71 - 72 وقال : رواه الطبراني في الكبير ، وفيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي ، ضعفه أبو حاتم . وعبد الرحمن هذا ليس ضعيفا بمرة ، بل ذكره ابن حبان في الثقات ، كما نقل ابن حجر في لسان الميزان . وكذلك نسب المنذري حديث الحسن هذا للطبراني في الكبير ، في الترغيب 3 : 8 . وجاء أيضا عن ابن مسعود : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس من عمل يقرب إلى الجنة الا قد أمرتكم به ، ولا عمل يقرب إلى النار الا قد نهيتكم عنه . لا يستبطئن أحد منكم رزقه ، ان جبريل القى في روعي ان أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه . فاتقوا الله ، أيها الناس وأجملوا في الطلب ، فان استبطأ أحدكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله ، فان الله لا ينال فضله بمعصية ) . رواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 4 وذكره المنذري في الترغيب 3 : 7 ونسبه للحاكم فقط . ومعنى الحديثين مشهور كما قال ابن الأثير ، بل هو من المعلوم من الدين بالضرورة ، وقد جاء في معنى الحديث الأول منهما ، وهو رقم 289 : أحاديث كثيرة ، لا تحضرني الان . وجاء في معنى الحديث الثاني أيضا أحاديث أخر : منها حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب ، فان نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها ، وان أبطأ عنها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب : خذوا ما حل ، ودعوا ما حرم . رواه ابن ماجة ج 2 ص 3 ورواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 4 وصححه على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، ونقله المنذري في الترغيب 3 : 7 ونقل تصحيح الحاكم له . ومنها حديث جابر أيضا : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تستبطئوا الرزق ، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر زرق هو له ، فأجملوا في الطلب : اخذ الحلال ، وترك الحرام . رواه الحاكم في المستدرك 2 : 4 وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، ونقله المنذري في الترغيب 3 : 7 ونقل تصحيح الحاكم إياه ، ونسبه أيضا لابن حبان في صحيحه . ومنها حديث أبي حميد الساعدي ، رواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 3 عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم عن الربيع بن سليمان - صاحب الشافعي وكاتب الرسالة - : ( حدثنا عبد الله بن وهب أنبأنا سليمان بن بلال حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي حميد الساعدي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أجملوا في طلب الدنيا ، فان كلا ميسر لما كتب له منها ) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، ونقله المنذري في الترغيب 3 : 7 ونقل تصحيح الحاكم إياه ، ورواه ابن ماجة ج 2 ص 3 من طريق إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، بلفظ : أجملوا في طلب الدنيا ، فان كلا ميسر لما خلق له . وقال ابن ماجة : هذا حديث غريب ، تفرد به إسماعيل ونقل شارحه السندي عن الزوائد قال : في اسناده إسماعيل بن عياش ، يدلس ، ورواه بالعنعنة ، وروايته عن غير أهل بلده ضعيفة . وقد ظهر من اسناد الحاكم ان الحديث صحيح ، وان إسماعيل لم ينفرد به كما زعن ابن ماجة ، والظاهر أنه لم يعلم بهذا الاسناد الاخر . ومنها حديث حذيفة قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الناس ، فقال : هلموا إلي . فاقبلوا إليه فجلسوا ، فقال : هذا رسول رب العالمين ، جبريل ، نفث في روعي انه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، وان أبطأ عليها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق ان تأخذوه بمعصية الله ، فان الله لا ينال ما عنده الا بطاعته . نقله المنذري في الترغيب 3 : 7 وقال : رواه البزار ، ورواته ثقات ، الا قدامة بن زائدة بن قدامة ، فإنه لا يحضرني فيه جرح ولا تعديل ، ونقله أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد 4 : 71 وقال : رواه البزار ، وفيه قدامة بن زائدة بن قدامة ، ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله ثقات . واني قد بحثت أيضا عن ترجمة قدامة بن زائدة فلم أجدها . ومنها حديث أبي امامة ان رسول الله صلى اله عليه وسلم قال : ( نفث روح القدس في روعي ان نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل اجلها وتستوعب رزقها ، فأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق ان تطلبوه بمعصية الله ، فان الله لا ينال ما عنده الا بطاعته . نقله الهيثمي في مجمع الزوائد 4 : 72 وقال : رواه الطبراني في الكبير ، وفيه عفير بن معدان ، وهو ضعيف . ونقله السيوطي في الجامع الصغير رقم 2273 ونسبه لأبي نعيم في الحلية ، وأشار إليه بعلامة الضعف . وعفير - بالتصغير - بن معدان الحمصي : ضعفه العلماء ، وقال أبو داود : شيخ صالح ضعيف الحديث . وقوله أجملوا في الطلب اي اطلبوه بتؤدة واعتدال وبعد عن الافراط ، واصله من الجمال ، فإذا طلبوا الرزق كما أمروا كان طلبهم جميلا مقبولا . هذا عن متني الحديثين . وما اسنادهما فإنه من المشكلات العويصة ، التي لم أجد أحدا تعرض لتحقيقها ، وقد تعبت في بحثه الأيام الطوال ، ووصلت إلى نتيجة لا أستطيع القطع بها ، وان كنت أراها أقرب إلى الصواب ، وأرجح بها ان هذا الاسناد صحيح ، وعساني أجد بعد نشر هذا الكتاب من يحقق ذلك من العلماء ، فيؤيد ما وصلت إليه ، أو ينقضه ويؤيد غيره ، بالدليل القوي والحجة العلمية الواضحة ، فلا مقصد لنا الا العلم الخالص . ويظهر لي ان أبا السعادات بن الأثير وجد هذا الاسناد من المشكلات فتخلى عن الكلام عليه بتة ، ولم يذكر عن الحديث الا ما نقلنا عنه ، ثم استمر في شرح الحديث من جهة المعنى ، مخالفا بذلك عادته في شرح المسند ، بتخريج كل حديث ، وبيان درجته من الصحة ، وكذلك فعل في كل الأحاديث التي رواها الشافعي بهذا الاسناد ، وقد تتبعتها في شرحه حديثا حديثا ، فلم أجده تكلم على أسانيدها . وقد روى الشافعي الحديثين عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن حنطب عن المطلب . اما عبد العزيز وعمرو فإنهما ثقتان معروفان كما ذكرنا آنفا ، وموضع الاشكال في الاسناد هو ( المطلب بن حنطب ) إذ ان ظاهر الاسناد الصحة ، وان المطلب صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عنه مولاه عمرو بن أبي عمرو . وهذا الظاهر يقويه ما نعرفه عن الشافعي من أنه لا يرى الاحتجاج بالحديث المرسل الا ان يعتضد بشئ آخر يقويه ( انظر كتاب الرسالة ص 127 في الأصل وص 63 في ب وص 114 في س وص 122 في ج ) وقد ذكر هذين الحديثين هنا - وحدهما - على سبيل الحجة والاستدلال ، فلا نراه - والله أعلم - يحتج بهما الا وعنده ان اسنادهما هذا اسناد متصل غير مرسل . ولكنا إذا رجعنا إلى ترجمة ( المطلب بن حنطب ) في رجال الحديث : وجدنا ما يدل على أنه عندهم غير صحابي ، بل كأنه تابعي صغير . قال الحافظ ابن حجر في التهذيب 10 : 178 - 179 : المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحرث بن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومي . وقيل باسقاط المطلب ، وقيل : انهما اثنان . ثم ذكر الصحابة الذين روى عنهم المطلب هذا ، ثم ذكر من روى عن المطلب ، فذكر منهم ابنيه : عبد العزيز والحكم ، ومولاه عمرو بن أبي عمرو . ثم قال : قال أبو حاتم في روايته عن عائشة : مرسلة ، ولم يدركها . وقال في روايته عن جابر : يشبه انه أدركه . وقال في روايته عن غيره من الصحابة : مرسلة . قال : وعامة حديثه مراسيل ، غير اني رأيت حديثا يقول فيه : حدثني خالي أبو سلمة . ثم نقل عن ابن سعد قال : كان كثير الحديث ، وليس يحتج بحديثه ، لأنه يرسل كثيرا ، وليس له لقى ، وعامة أصحابه يدلسون . ثم نقل توثيقه عن يعقوب بن سفيان والدارقطني وابن حبان ، ثم قال : قال البخاري في التاريخ : سمع عمر ، لكن تعقبه الخطيب بان الصواب : ابن عمر ، ثم ساق حديثه عن ابن عمر في الوتر بركعة ، وقال ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه : لم يسمع من جابر ، ولا من زيد بن ثابت ، ولا من عمران بن حصين ، ولم يدرك أحدا من الصحابة الا سهل بن سعد ومن في طبقته . وسيأتي ما يدل على أن كلام البخاري صحيح ، وان تعقب الخطيب لا موضع له . وذكر الحافظ المري في تهذيب الكمال ( المخطوط بدار الكتب ، وهو أصل تهذيب ابن حجر ) - : قولا ثالثا في نسبه انه ( المطلب بن عبد الله بن المطلب بن عبد الله بن حنطب ) وذكر انه عن أبي حاتم . وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل مخطوط بدار الكتب : ( مطلب بن عبد الله بن مطلب بن عبد الله بن حنطب : روى عن ابن عباس مرسلا - ثم ذكر انه روى عن ابن عمر وأبي موسى وأبي رافع وأم سلمة وعائشة ، وان ذلك كله مرسل - وجابر ، ويشبه ان يكون أدركه . روى عنه عمرو بن أبي عمرو والأوزاعي وكثير بن زيد ومسلم بن الوليد بن رباح وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي وابناه الحكم وعبد العزيز ، سمعت أبي يقول ذلك . سئل أبو زرعة عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ؟ فقال : مدني ثقة . سئل أبو زرعة : هل سمع المطلب بن عبد الله من عائشة ؟ قال : نرجو ان يكون سمع منها ) . ونقل النووي نحو ذلك في تهذيب الأسماء واللغات 2 : 98 . وقد روى البيهقي في السنن الكبرى 7 : 76 حديث ما تركت شيئا الخ الذي مضى برقم 289 من طريق الشافعي بهذا الاسناد ، ولم يتكلم عليه ، لا هو ولا ابن التركماني في الجوهر النقي ، ولكن البيهقي قال في حديث آخر للمطلب بن حنطب رواه من طريق الشافعي 3 : 356 - : هذا مرسل . فأقوالهم هذه صريحة في أن المطلب - عندهم - تابعي ، وان أحاديثه مرسلة ، بل هو في رأيهم لم يدرك المتأخرين من الصحابة ، مثل ابن عباس ( المتوفى سنة 70 أو قبلها ) وعبد الله بن عمر ( المتوفى سنة 73 ) وان في سماعه من جابر شيئا من الشك ، وجابر مات سنة 73 أو سنة 78 وانه أدرك سهل بن سعد ( المتوفى سنة 88 تقريبا ) مع تصريح أبي زرعة بأنه يرجو ان يكون المطلب أدرك عائشة ( وقد ماتت سنة 58 ) فهذا أول شئ في اضطراب هذه الأقوال . ومرجع ذلك عندي إلى أن المؤلفين في تراجم رجال الحديث لم يحرروا تواريخ الرواة من أهل مكة وأهل المدينة ، واضطربت نقولهم فيها كثيرا ، وقد تبين لي هذا من التتبع الكثير . ولكنهم حرروا تاريخ الرواة من أهل العراق وأهل الشام أحسن تحرير وأدقه . أو لعل هذا من نقص مجموعة التراجم التي وصلت إلينا مؤلفاتها ، بفقدان كثير من الأصول القديمة التدوين . وقد تتبعت كل الأحاديث التي رواها الشافعي من حديث ( المطلب بن حنطب ) من مسنده الذي جمعه أبو العباس الأصم من كتب الشافعي : فإذا هي هذا الحديثان ، وحديثان آخران رواهما الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن خالد بن رباح عن المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم ص 21 و 28 من المسند . وحديث خامس قال فيه الشافعي : أخبرنا من لا اتهم أخبرني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب مرفوعا . وقال الأصم بعد ذكره : سمعت الربيع بن سليمان يقول : كان الشافعي إذا قال أخبرني من لا اتهم يريد به إبراهيم بن أبي يحيى ص 28 ، وحديث سادس قال فيه الشافعي : أخبرنا من لا اتهم حدثني عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب مرفوعا ص 29 وهو في الام 1 : 224 وقال فيه الشافعي : أخبرنا إبراهيم عن عمرو بن أبي عمرو فصرح باسم شيخه بعد أن أبهمه . وحديث سابع رواه عن إبراهيم عن عمرو عن المطلب عن جابر بن عبد الله مرفوعا ص 64 وهذه الأحاديث شرحها ابن الأثير في شرح المسند ، ولم يتعرض للكلام على أسانيدها . وهناك حديث ثامن سأذكره فيما بعد - إن شاء الله - في موضعه . وهذه الأحاديث يرويها الشافعي في معرض الاحتجاج بها ، ولم يعلل اي واحد منها بالارسال ، وما أظنه يدعها من غير بيان ان كانت عنده من الأحاديث المرسلة . ومما لا موضع للريبة فيه ان هناك صحابيا قديما اسمه المطلب بن حنطب وهو المطلب بن حنطب بن الحرث بن عبيد بن عمر بن مخزوم . ذكره ابن إسحاق في السيرة فيمن أسر يوم بدر ومن عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فداء انظر سيرة ابن هشام طبعة أوروبا ص 470 - 471 وله ترجمة في الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة . وقد ترجم له ابن حبان في الثقات فقال ( نقلا عن ترتيب ثقات ابن حبان للحافظ الهيثمي ، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية : المطلب بن حنطب بن الحرث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ، أسر يوم بدر ، ومن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فداء . ومما لا شك فيه ان هذا المطلب ليس المذكور عندنا في هذه الأسانيد ، بل إنه ليست له رواية أصلا . ومما لا شك فيه أيضا ان المطلب بن حنطب الذي روى عنه مولاه عمرو بن أبي عمرو : شخص آخر متأخر عن الأول ، ولكن موضع البحث والاشكال : هل كان من بني حنطب - غير المطلب الأول - ممن سمى باسم ( المطلب ) ناس أكثر من واحد ؟ أو هو شخص واحد اختلف في نسبه فقط ؟ اما انا فاني أجزم بان من سمى ( المطلب ) من بني حنطب - غير الأول - أكثر من واحد : اثنان أو ثلاثة ، وأرجح ان الذي يروى عنه مولاه عمرو بن أبي عمرو : صحابي ، من طبقه انس بن مالك وجابر بن عبد الله ، وان وجود غيره في هذا النسب هو الذي أوجب لاضطراب ، وجعل بعض الحفاظ يجزم بان رواياته مرسلة ، وبأنه لم يدرك عمر ولا غيره ممن ذكروهم من الصحابة . ولايضاح ذلك أرسم شجرة لنسب هؤلاء الناس على اختلاف الروايات التي نقلتها فيما مضى ، واضع بجوار كل من يسمى ( المطلب ) رقما يعرف به في هذه الشجرة ليكون أقرب إلى في التحدث عنهم حنطب المطلب ( 1 ) - عبد الله - المطلب ( 3 ) عبد الله - المطلب ( 2 ) - عبد الله - المطلب ( 4 ) فهؤلاء أربعة يسمون ( المطلب ) من بني حنطب ، الأول منهم لا خلاف فيه ، والثلاثة الآخرون موضع البحث . ولعل هؤلاء الثلاثة قد وجدوا فعلا ، وان اختلاف الروايات في هذا النسب اختلاف الاشخاص ، لا اختلاف أقوال . ولكن الذي هو موضع يقين ان المطلب رقم 2 أقدم وجودا من المطلب رقم 3 ومن المطلب رقم 4 وأدلة ذلك : أولا : ان الشافعي روى في الام 5 / 242 : أخبرنا ابن عيينة عن عمور بن دينار عن محمد بن عباد بن جعفر عن المطلب بن حنطب : انه طلق امرأته البتة ، ثم أتى عمر بن الخطاب ، فذكر ذلك له ، فقال له عمر : ما حملك على ذلك ؟ فقال : قد قلته ! فقال عمر رضي الله عنه : أمسك عليك امرأتك ، فان الواحدة ( لا ) ثبت ) . ونقله الأصم في مسند الشافعي ص 221 من هامش الجزء 6 من الام وص 91 من طبعة شركة المطبوعات العلمية ) وذكره المزني في مختصره بدون اسناد ص 74 من هامش الجزء 4 من الام ) ورواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق الشافعي 7 : 343 . هذا الاسناد الصحيح ، واللفظ الصريح الواضح : يدل على أن المطلب بن حنطب كان رجلا في عصر عمر ، وانه شافه عمر وسأله بنفسه . فمثل هذا لا يكون ممن يختلف في أنه أدرك جابر بن عبد الله ، ولا عائشة ، ولا غيرهما ممن ذكرنا آنفا . تنبيه : قوله ( فان الواحدة ( لا ) تبت ) هكذا هو بزيادة ( لا ) في نسختي المسند المطبوعتين ، ولكن في الام والبيهقي ومختصر المزني ونسخة مخطوطة عندي من المسند : ( فان الواحدة تبت ) بحذف لا وكذلك في شرح ابن الأثير على المسند ، وقال في شرح ذلك : يريد ان الواحدة يجوز ان يطلق عليها البتة . وعندي ان هذا خطأ ظاهر ، لمنافاته أول الكلام ، لان قول عمر ( أمسك عليك امرأتك ) دليل على أنه يقول بعد ذلك أن الطلقة الواحدة لا تكون باتة وإنما تكون رجعية . ويؤيد هذا ان المزني جاء بهذا الأثر للاستدلال به على أن الرجل لو قال لامرأته ( أنت طالق بائنا كانت واحدة يملك الرجعة ) هذا لفظه ، فلو كانت الرواية بحذف لا كانت ردا على ما يقوله ، لا دليلا له . ثانيا : ان مولاه الراوي عنه ( عمرو بن أبي عمرو ) تابعي ، ( روى عن انس وسمع منه الكثير ) كما نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن أبيه ، وأنس بن مالك مات سنة 91 أو 92 أو 93 وروى أيضا عن سعيد بن جبير المتوفى سنة 95 وهو من شيوخ مالك ، ومات عمرو سنة 144 . ثالثا : ان ابن حبان ترجم له في الثقات فقال : ( المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي القرشي ، يروي عن عمر وأبي موسى وعائشة ، روى عنه محمد بن عباد بن جعفر وأهل المدينة ، وكانت أمه أم أبان بنت الحكم بن أبي العاص ، وقد قيل إن أمه أم سلمة بنت الحكم بن أبي العاص بن أمية ، - يعني ابن حبان بذلك ان أمه إحدى أختي مروان بن الحكم - وفد إلى هشام بن عبد الملك ، فادى عنه سبعة عشر ألف دينار ، وهو المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحرث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ) . وهذا الذي قال ابن حبان جيد في تحرير ترجمته ونسبه ، الا انه اختلط عليه الشخصان أو الثلاثة ، فذكر حكاية وفوده إلى هشام بن عبد الملك ، وهذه ان صحت فإنما تكون لشخص متأخر جدا عن الذي يروى عن عمر ، ويكون رجلا يطلق امرأته في عهده ( قبل آخر سنة 23 ) لان هشام بن عبد الملك ولي الخلافة سنة 105 ومات سنة 125 ولو كان المطلب هذا رقم 2 حيا في هذا العهد وهو من أهل المدينة لأدركه مالك وروى عنه ، لان مالكا ولد سنة 93 كما في تذكره الحفاظ 1 : 198 كما روى عن مولاه عمرو ، أو لنقل انه أدركه واعرض عن الرواية عنه لعلة من العلل . رابعا : ان البيهقي روى في السنن الكبرى 4 : 20 من طريق معن بن عيسى القزاز عن هارون بن سعد مولى قريش - وهو ثقة - قال : رأيت المطلب بين عمودي سرير جابر . ثم نقل عن يعقوب بن سفيان ان الأثر مروي عندهم بأنه سرير خارجة بدل جابر وان هشام بن عمار قال في روايته عن معن : سرير جابر فهذا مطلب بن عبد الله بن حنطب متأخر ، حضر وفاة خارجة بن زيد بن ثابت سنة 99 أو سنة 100 وقد ذكر في التهذيب في ترجمة خارجة ان المطلب يروى عنه . ولا يمكن ان يكون هو الأول الذي كان رجلا في عصر عمر ، لأنه ان كان هذا كان قد عاش بعد عمر أكثر من ستين سنة ، فقد ناهز الثمانين أو جاوزها اذن ، ولو كان قد عمر هذا العمر لكثرت الرواية عنه ، ولذكره المؤرخون في رجال الحديث ، لشدة عنايتهم بعلو الاسناد ، والرواية عن الشيوخ الكبار الذين يحدثونهم بروايات لا يسمعونها الا بوسائط أكثر . وهذا شئ واضح معروف عند من عرف الروايات والأسانيد وتوسع في دراستها . ولعل هذا الذي حضر وفاة خارجة هو الذي نقل ابن حبان انه وفد إلى هشام بن عبد الملك . خامسا : ان الحافظ ابن عساكر نقل في تاريخ دمشق 4 : 401 من مختصره المطبوع بدمشق والأمير أسامة بن منقذ نقل في لباب الآداب ص 95 - 97 قصة فيها ان رجلا من بني أمية له قدر وخطر رهقه دين فخرد من المدينة إلى الكوفة ، يقصد والى العراق خالد بن عبد الله القسري وكان واليا من قبل هشام بن عبد الملك ، فلقي في طريقة رجلا أكرمه وأعطاه عطاء واسعا ، أغناه عن الشخوص للأمير ، وان هذا الرجل هو الحكم بن المطلب بن حنطب . وقد ترجم له ابن عساكر باسم الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب وخالد بن عبد الله القسري كان واليا على العراق لهشام من سنة 106 إلى سنة 120 فهذا المطلب الذي كان ابنه الحكم رجلا عظيما كريما : لعله المطلب الذي وفد إلى هشام والذي حضر وفاة جابر أو خارجة . سادسا : ان أبا الفرج الأصفهاني نقل في الأغاني ( 4 : 338 طبعة دار الكتب ) ان المطلب بن عبد الله بن حنطب كان قاضيا على مكة ، فشهد عنده أبو سعيد مولى فائد بشهادة ، وانه رد شهادته ثم قبلها . وأبو سعيد مولى فائد : شاعر معروف ، قال أبو الفرج ( 4 : 330 ) وكان شاعرا مجيدا ومغنيا ، وناسكا بعد ذلك ، فاضلا مقبول الشهادة بالمدينة معدلا ، وعمر إلى خلافة الرشيد . فهذا المطلب القاضي الذي قبل شهادة أبي سعيد بعد مسكه ، إذ يقول له : انك ما علمت الا ذبابا حول البيت في الظلم مدمنا للطواف به في الليل والنهار - : هذا القاضي لعله كان في أوائل دولة بني العباس ، اي بعد سنة 132 ولا يمكن ان يكون هو المطلب الذي طلق امرأته في عهد عمر . سابعا : وأخيرا : ان أبا الفرج نقل في الأغاني أيضا 4 : 394 : ان ابن هرمة - بفتح الهاء واسكان الراء - قال يمدح أبا الحكم المطلب بن عبد الله : لما رأيت الحادثات كنفنني * وأورثتني بؤسي ذكرت أبا الحكم سليل ملوك سبعة قد تتابعوا * هم المصطفون والمصفون بالكرم فلاموه ، وقالوا : أتمدح غلاما حديث السن بمثل هذا ؟ قال : نعم وابن هرمة هذا هو : إبراهيم بن علي بن سلمة بن هرمة ، شاعر مشهور ، له ترجمة في الأغاني 4 : 367 وما بعدها قال البغدادي في الخزانة الكبرى 1 : 204 طبعة بولاق : كان من مخضرمي الدولتين ، مدح الوليد بن يزيد ، ثم أبا جعفر المنصور ، وكان منقطعا إلى الطالبيين ، وكان مولده سنة 70 ووفاته في خلافة الرشيد بعد سنة 150 تقريبا . فمهما نفرض الفروض في وقت مدحه المطلب هذا ، فانا واجدوه متأخرا جدا ، لأنهم لا ينكرون على ابن هرمة مدحه : الا وابن هرمة قد كان شاعرا كبيرا لشعره اثر في المدح والذم ، حتى ينكر المنكر عليه ان يمدح غلاما صغير السن ! ! فلا يكون هذا الغلام الصغير السن الا رجلا غير الذي كان ابنه الحكم من العظماء في عصر هشام بن عبد الملك . هذه هي النصوص التي أمكن ان اجمعها بعد الفحص والتنقيب ، ولم أستطع ان أجزم في هؤلاء المسمين باسم ( المطلب بن حنطب ) بشئ ، الا بشئ واحد ، هو ان ( المطلب ) الذي يروي له الشافعي ، والذي يروى عنه مولاه ( عمرو بن أبي عمرو ) و ( محمد بن عباد بن جعفر ) - : كان رجلا في عصر عمر ، وانه من المحتمل جدا بل من الراجح القريب من اليقين : انه من صغار الصحابة ، من طبقة ابن عمر وجابر ، وان من اليقين - الذي لا يدخله الشك - : انه ان لم يكن صحابيا فهو من كبار التابعين ، وان المحدثين الذين أعلوا رواياته بالارسال وبأنه لم يدرك فلانا وفلانا من الصحابة ، وانه لم يسمع منهم - : انما شبه لهم هذا بالمطلب أو بالمطلبين المتأخرين عن عصره .

93

نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست