نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 240
673 - [1] ويحتمل أن يكون النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث منسوخا في كل حال [2] فيمسك الانسان من ضحيته ما شاء ويتصدق بما شاء [3]
[1] هنا في ب زيادة « قال » . [2] في النسخ المطبوعة « بكل حال » وهو مخالف للأصل . [3] هذا ما قال الشافعي هنا ، وقال في كتاب [ اختلاف الحديث ] ( ص 247 - 248 من هامش الجزء 7 من الام ) بعد أن ذكر حديث عائشة : « فيشبه أن يكون إنما نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث إذ كانت الدافة - : على معنى الاختيار ، لا على معنى الفرض ، وإنما قلت يشبه الاختيار لقول الله عز وجل في البدن : ( فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا ) ، وهذه الآية في البدن التي يتطوع بها أصحابها ، لا التي وجبت عليهم قبل أن يتطوعوا بها ، وإنما كل النبي صلى الله عليه وسلم من هديه أنه كان تطوعا ، فاما ما وجب من الهدي كله فليس لصاحبه أن يأكل منه شيئا ، كما لا يكون له أن يأكل من زكاته ولا من كفارته شيئا ، وكذلك إن وجب عليه أن يخرج من ماله شيئا ، فأكل بعضه فلم يخرج ما وجب عليه بكماله . وأحب لمن أهدي نافلة أن يطعم البائس الفقير لقول الله : ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) وقوله : ( وأطعموا القانع والمعتر ) القانع : هو السائل ، والمعتر : الزائر المار بلا وقت ، فإذا أطعم من هؤلاء واحدا أو أكثر فهو من المطعمين ، فأحب إلي ما أكثر أن يطعم ثلثا ، ويهدي ثلثا ، ويدخر ثلثا ، ويهبط به حيث شاء ، والضحايا من هذه السبيل ، والله أعلم . وأحب إن كانت في الناس مخمصة أن لا يدخر أحد من أضحيته ولا من هديه أكثر من ثلاث ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في الدافة » : وقال الشافعي في اختلاف الحديث أيضا ( ص 136 - 137 ) : « وفي مثل هذا المعنى أن علي بن أبي طالب خطب الناس ، وعثمان بن عفان محصور ، فأخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث ، وكان يقول به ، لأنه سمعه من النبي ، وعبد الله بن واقد قد رواه عن النبي ، وغيرهما ، فلما روت عائشة أن النبي نهى عنه عند الدافة ، ثم قال : كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا ، وروى جابر بن عبد الله عن النبي أنه نهي عن لحوم الضحايا بعد ثلاث ، ثم قال : كلوا وتزودوا وتصدقوا - : كان يجب على من علم الامرين معا أن يقول : نهي النبي عنه لمعني ، فإذا كان مثله فهو منهي عنه ، وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه ، أو يقول : نهى النبي عنه وقت ثم أرخص فيه بعده ، والآخر من أمره ناسخ للأول . قال الشافعي : وكل قال بما سمعه من رسول الله ، وكان من رسول الله ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى أو نسخه ، فعلم الأول ولم يعلم غيره ، فلو علم أمر رسول الله فيه صار اليه ، إن شاء الله » . وهكذا تردد الشافعي في قوله في هذا كما ترى ، فمرة يذهب إلى النسخ ، ومرة يذهب إلى أن النهي اختيار لا فرض ، ومرة يذهب إلى ان النهي لمعنى ، فإذا وجد ثبت النهي ، والذي أراه راجحا عندي : أن النهي عن الادخار بعد ثلاث انما كان من النبي صلى الله عليه وسلم لمعنى دف الدافة ، وأنه تصرف منه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل تصرف الإمام والحاكم ، فيما ينظر فيه لمصلحة الناس ، وليس على سبيل التشريع في الأمر العام ، بل يؤخذ منه أن للحاكم أن يأمر وينهى في مثل هذا ، ويكون أمره واجب الطاعة ، لا يسع أحدا مخالفته ، وآية ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبروه عما نابهم من المشقة في هذا سألهم : « وما ذاك » ؟ فلما أخبروه عن نهيه أبان لهم عن علته وسببه ، فلو كان هذا النهي تشريعا عاما لذكر لهم أنه كان ثم نسخ ، أما وقد أبان لهم عن العلة في النهي فإنه قصد إلى تعليمهم أن مثل هذا يدور مع المصلحة التي يراها الإمام ، وأن طاعته فيه واجبة . ومن هذا نعلم أن الأمر فيه على الفرض لا على الاختيار ، وإنما هو فرض محدد بوقت أو بمعنى خاص ، لا يتجاوز به ما يراه الامام من المصلحة . وهذا معنى دقيق بديع ، يحتاج إلى تأمل ، وبعد نظر ، وسعة اطلاع على الكتاب والسنة ومعانيهما ، وتطبيقه في كثير من المسائل عسير ، إلا على من هدي الله .
240
نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 240