responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعانة الطالبين نویسنده : البكري الدمياطي    جلد : 1  صفحه : 9


وها أنا أشرع في المقصود بعون الملك المعبود . فأقول - وبالله التوفيق لأحسن الطريق - ( قوله : بسم الله الرحمن الرحيم ) قد أفردها بالتأليف من لا يحصى من العلماء ، وأبدى فيها وأبدع من لا يستقصى من النبلاء ، ومع ذلك ما بلغوا معشار ما انطوت عليه من لطائف الاسرار ونكات التفسير ، إذ لا يحيط بتفضيله وجمله إلا اللطيف الخبير ، كيف ذلك وقد قال الإمام علي كرم الله وجهه : لو طويت لي وسادة لقلت في الباء من بسم الله الرحمن الرحيم وقر سبعين بعيرا . وفي رواية عنه : لو شئت لأوقرت لكم ثمانين بعيرا من معنى بسم الله الرحمن الرحيم . ولكن ينبغي التكلم عليها من جنس الفن المشروع فيه ، وفاء بحقها وبحق الفن المشروع فيه . والآن الشروع في فن الفقه الباحث عن الأحكام الشرعية ، فيقال :
البسملة مطلوبة في كل أمر ذي بال - أي حال - يهتم به شرعا ، بحيث لا يكون محرما لذاته ولا مكروها كذلك ، ولا من سفاسف الأمور - أي محقراتها - فتحرم على المحرم لذاته كالزنا ، لا لعارض كالوضوء بماء مغصوب . وتكره على المكروه لذاته كالنظر لفرج زوجته ، لا لعارض كأكل البصل . ولا تطلب على سفاسف الأمور ، ككنس زبل ، صونا لاسمه تعالى عن اقترانه بالمحقرات . والحاصل أنها تعتريها الأحكام الخمسة : الوجوب ، كما في الصلاة عندنا معاشر الشافعية - والاستحباب عينا : كما في الوضوء والغسل ، وكفاية : كما في أكل الجماعة ، وكما في جماع الزوجين ، فتكفي تسمية أحدهما - كما قال الشمس الرملي أنه الظاهر - والتحريم في المحرم الذاتي ، والكراهة في المكروه الذاتي ، والإباحة في المباحات التي لا شرف فيها ، كنقل متاع من مكان إلى آخر ، كذا قيل . وإنما افتتح الشارح كتابه بالبسملة ، اقتداء بالكتاب العزيز ، وعملا بقوله ( ص ) : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أو أقطع أو أجذم . والمعنى - على كل - أنه ناقص ، وقليل البركة ، وقلة البركة في كل شئ بحسبه . فقلتها في نحو التأليف قلة انتفاع الناس به وقلة الثواب عليه ، وفي نحو الأكل قلة انتفاع الجسم به ، وفي نحو القراءة قلة انتفاع القارئ بها ، لوسوسة الشيطان له حينئذ . وأتبع ذلك بالحمدلة ، عملا بقوله ( ص ) : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أبتر أو أقطع أو أجذم . وقوله في الحديث فهو أبتر إلخ . . . هو عند الجمهور من باب التشبيه البليغ . وعلى هذا فالأبتر وما بعده باقية على معانيها الحقيقية ، وعند السعد يجوز أن يكون من باب الاستعارة بأن يشبه النقص المعنوي بالنقص الحسي الذي هو قطع الذنب ، أو قطع إحدى اليدين ، أو الجذم - بفتحتين - ويستعار البتر ، أو الجذم ، أو القطع ، للنقص المعنوي . ويشتق منه أبتر أو أقطع أو أجذم ، بمعنى ناقص نقصا معنويا . فإن قلت : بين الحديثين تعارض لأنه إن عمل بحديث البسملة فات العمل بحديث الحمدلة ، وإن عمل بحديث الحمدلة فات العمل بالآخر .
قلت : قد ذكر العلماء لدفع التعارض أوجها كثيرة ، فمن جملتها : أن الابتداء قسمان : حقيقي ، وإضافي أي نسبي . والأول هو ما تقدم أمام المقصود ولم يسبقه شئ ، والإضافي ما تقدم أمام المقصود وإن سبقه شئ . وقال عبد الحكيم : إنه يشترط في أن يسبقه شئ ، وحمل حديث البسملة على الأول والحمدلة على الثاني ، تأسيا بالكتاب العزيز ، وعملا بالاجماع .
واعلم أنه جاء في فضل البسملة أحاديث كثيرة ، غير الحديث المتقدم ، روي عن النبي ( ص ) أنه قال : أول ما كتب القلم بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا كتبتم كتابا فاكتبوها أوله ، وهي مفتاح كل كتاب أنزل . ولما نزل بها جبريل أعادها ثلاثا ، وقال : هي لك ولامتك ، فمرهم أن لا يدعوها في شئ من أمورهم ، فإني لم أدعها طرفة عين مذ نزلت على أبيك آدم ، وكذلك الملائكة . وروي أنها لما نزلت هرب الغيم إلى المشرق ، وسكنت الرياح ، وهاج البحر ، وأصغت البهائم بآذانها ، ورجمت الشياطين ، وحلف الله بعزته وجلاله أن لا يسمى اسمه على مريض إلا شفاه ، ولا يسمى اسمه على شئ إلا بارك

9

نام کتاب : إعانة الطالبين نویسنده : البكري الدمياطي    جلد : 1  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست