بسم الله الرحمن الرحيم مبتدأ أبواب الصيام باب القول في فروض [1] الصيام وشرائطه في الكتاب وشرح ما أمر الله به منه قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : إن الله تبارك وتعالى افترض على عباده الصيام من غير حاجة منه إلى صيامهم ، ولا منفعة تناله بشئ من أعمالهم ، بل خلقهم عبيدا مأمورين ومنهيين ، وجعلهم في ذلك سبحانه مخيرين ، ثم أمرهم ونهاهم ، وبصرهم غيهم وهداهم ، ومكنهم من العملين ، وهداهم النجدين ، وجعلهم لكل ذلك مستطيعين ، ولما أمروا به من العمل مطيقين ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة ، وإن الله لسميع عليم . فكان مما أمرهم بعمله وافترض عليهم ما افترض من فعله ، ما افترض على من كان قبلهم من بني إسرائيل من الصيام وذلك قول الله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) [2] يقول سبحانه : ( لعلكم تتقون مخالفتي ، وتتبعون أمري وطاعتي ، فتتبعون حكمي ، ولا تبدلون فرضي كما بدله من كان قبلكم من بني إسرائيل ، الذين أنزلت عليهم وفيهم ما أنزلت من الإنجيل ) ، وذلك أن الله كتب في الإنجيل علي بني إسرائيل أن يصوموا شهر رمضان ، وأن لا ينكحوا فيه ما أحل لهم نكاحه في غيره من النسوان ، فبدلوا ذلك وغيره ، وخالفوا ما أمروا به فيه ورفضوه ، جزعا من دورانه عليهم في اشتداد حرهم
[1] في نسخة باب القول في فرض الصيام . [2] البقرة 183 .