باب القول في قصر الصلاة وفي كم تقصر قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه إذا عزم المسافر على سفر بريد وهو اثنا عشر ميلا قصر حين يخرج من منزله ، وتتوارى عنه بيوت أهله ، فإذا نوى المسافر المقام في بعض ما مر به من البلاد عشرا أتم الصلاة ، وإن لم ينو مقام عشر وأقام في بلد ، يقول اليوم أخرج أو غدا أخرج قصر الصلاة حتى يستتم شهرا في شكه ذلك ، فإن دام شكه من بعد قصر شهر أتم ، ولو أقام بعد الشهر يوما واحدا ، والقصر فهو يقع فيما كان أربعا من الصلوات ولا يقع فيما دون الأربع من الثلاث ، لان القصر هو تنصيف الصلاة وتنصيفها فهو أن يصلي في السفر نصف ما كان يصلي في الحضر منها ، والثلاث فلا نصف لها يوقف عليه ، ولا يؤدي فرض الله منها فيه فلذلك لم تقصر ، وكذلك الصبح لم تقصر لأنها اثنتان وليس فيما دون الاثنتين من الصلاة صلاة يفهم لها عدد في فريضة ولا نافلة ، وفي ذلك ما أجمع عليه آل الرسول صلى الله عليه وآله من أن صلاة نوافل الليل والنهار مثنى مثنى وليس فيما دون المثنى صلاة تصلى ، فلذلك لم يقع القصر في الصبح فأما قول من يقول إنه لا قصر إلا في خوف فلا يلتفت إليه ولا يعمل أحد عليه ، بل القصر فرض من الله على كل مسافر سافر في بر أو بحر ، في بر أو فجور ، لان أول ما افترض الله من الصلاة على المؤمنين افترضها سبحانه ركعتين عليهم ثم زاد فيها ركعتين آخرتين فجعلها أربعا في الحضر ، وأقرها على فرضها الأول ركعتين في السفر ، فصار للسفر فرض يجب أداؤه على المسافر ، وصار للحضر فرض يجب إتمامه على الحاضر ، فالمتم في سفره كالقاصر في حضره لان المتم في السفر لم يأت بما افترض الله عليه من فرضه ،