نام کتاب : حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين جلد : 1 صفحه : 695
الفم لدفع البخارات المنفخة في عضلات الفلك ، وهو ينشأ من امتلاء المعدة وثقل البدن ا ه . قلت : ولهذا السبب كان من الشيطان كما في حديث الصحيحين أنه ( ص ) قال : التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع وفي رواية لمسلم فليمسك بيده على فيه ، فإن الشيطان يدخله وألحق باليد الكم وهذا إذا لم يمكنه كظمه : أي رده وحبسه ، فقد صرح في الخلاصة بأنه إن أمكنه عند التثاؤب أن يأخذ شفته بسنه فلم يفعل وغطى فاه بيده أو بثوبه يكره ، كذا روي عن أبي حنيفة . قال في البحر : ووجهه أن تغطية الفم منهي عنها كما رواه أبو داود وغيره ، وإنما أبيحت للضرورة ، ولا ضرورة إذا أمكنه الدفع ، ثم في المجتبى : يغطي فاه بيمينه ، وقيل بيمينه في القيام وفي غيره بيساره ا ه . قلت : ووجه القيل أظهر لأنه لدفع الشيطان كما مر ، فهو كإزالة الخبث وهي باليسار أولى ، لكن في حالة القيام لما كان يلزم من دفعه باليسار كثرة العمل بتحريك اليدين كانت اليمنى أولى ، وقدمنا في آداب الصلاة عن الضياء أنه بظهر اليسرى . وفي الحلية عن بعضهم أنه مخير بينهما ، وأنه إن سد باليمنى يخير فيه بظاهرها أو باطنها ، وإن باليسرى فبظاهرها ا ه . ولم أر من تعرض للكراهة هنا هل هي تحريمية أو تنزيهية ؟ إلا أنه تقدم في آداب الصلاة أنه يندب كظم فمه عند التثاؤب ، وحينئذ فترك الكظم مندوب [1] وأما التثاؤب نفسه فإن نشأ من طبيعته بلا صنعه فلا بأس ، وإن تعمده ينبغي أن يكره تحريما لأنه عبث ، وقد مر أن العبث مكروه تحريما في الصلاة وتنزيها خارجها . قوله : ( ولو خارجها ) أي لاطلاق الحديث المار وتقييده في بعض الروايات بالصلاة لكون الكراهة فيها أشد ، فلا تنافي بينهما . تأمل . قوله : ( والأنبياء محفوظون منه ) قدمنا في آداب الصلاة أن إخطار ذلك بباله مجرب في دفع التثاؤب . قوله : ( للنهي ) أي في حديث إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه رواه ابن عدي ، إلا أن في سنده من ضعف ، وعلل في البدائع بأن السنة أن يرمي ببصره إلى موضع سجوده ، وفي التغميض تركها . ثم الظاهر أن الكراهة تنزيهية ، كذا في الحلية والبحر ، وكأنه لأن علة النهي ما مر عن البدائع ، وهي الصارف له عن التحريم ، قوله : ( إلا لكمال الخشوع ) بأن فات فوت الخشوع بسبب رؤية ما يفرق الخاطر فلا يكره ، بل قال بعض العلماء : إنه الأولى ، وليس ببعيد . حلية وبحر . قوله : ( لان العبرة للقدم ) ولهذا تشترط طهارة مكانه رواية واحدة بخلاف مكان السجود ، إذ فيه روايتان ، وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان يحنث بوضع القدمين وإن كان باقي بدنه خارجها ، والصيد إذا كان رجلاه في الحرم ورأسه خارجه فهو صيد الحرم ففيه الجزاء . بحر . قوله : ( مطلقا ) راجع إلى قوله : وقيام الامام في المحراب وفسر الاطلاق بما بعده وكذا سواء كان المحراب من المسجد كما هو العادة المستمرة أو لا كما في البحر . قوله : ( إن علل بالتشبه الخ ) قيد للكراهة . وحاصله أنه صرح محمد في الجامع الصغير بالكراهة ولم يفصل ، فاختلف المشايخ في سببها : فقيل كونه يصير ممتازا عنهم في المكان لان المحراب في معنى بيت آخر وذلك صنيع أهل الكتاب ،