بأن حكم الثياب أخف ، لأنها لو كانت كلها نجسة له أن يصلي في بعضها لأنه مضطر ، بخلاف الغنم الخ ، ومثله في النهاية والكفاية والمنح وغيرها . أقول : هذا عجيب منهم ، فإن ما ذكروا من مسألة الثوبين حالة ضرورة ، ولا فرق فيها بين الثياب والغنم كما سمعت التصريح به فيما قدمناه . وفي قول الهداية : يحل له التناول في جميع ذلك : أي فيما إذا كانت الذكية غالبة أو مغلوبة أو مساوية فكيف يطلب الفرق فيما لا فرق فيه ؟ وإن أرادوا الفرق بين الثياب في حالة الضرورة وبين الغنم في حالة الاختيار فهو ساقط أصلا ، إذ لا يطلب الفرق إلا عند اتحاد الحالتين ، ثم رأيت العلامة الطوري نبه على ذلك ، ولله الحمد والمنة . قوله : ( ومر في الحظر ) أي في أوله قبيل قوله : ومن دعي إلى وليمة ولفظ الحظر ساقط من أغلب النسخ . قوله : ( إيماء الأخرس ) أي إشارته بحاجب أو يد أو غير ذلك إذا عرف القاضي إشارته . وإلا ينبغي أن يستخبر ممن يغرفها من إخوانه وأصدقائه وجيرانه حتى يقول بين يدي القاضي أراد بهذه الإشارة كذا ، ويفسر ذلك ويترجم حتى يحيط علم القاضي بذلك ، وينبغي أن يكون عدلا مقبول القول ، لان الفاسق لا قول له ، بيري عن الولوالجية . وإطلاقه يفيد اعتبار الايماء مع قدرته على الكتابة وهو المعتمد ، لان كلا منهما حجة ضرورية كما في القهستاني وغيره . در منتقى . قوله : ( وكتابته ) اعترض المقدسي بأن الأخرس الخلقي لا يعرف الكتابة ولا يمكن تعريفه إياها ، لاها بإزاء الألفاظ المركبة من الحروف وهو لا ينطق ولا يسمع النطق إه . أقول : يمكن ذلك بتعريفه أن المعنى الفلاني يدل عليه بهذه الحروف المنقوشة على هذه الصورة . تأمل . قوله : ( بخلاف معتقل اللسان ) بفتح القاف ، يقال اعتقل لسانه بضم التار : إذا احتبس عن الكلام ولم يقدر عليه مغرب : أي فلا يعتبر إيماؤه ولا كتابته إلا إذا امتدت عقلته كما يأتي ، وذلك لان العارض على شرف الزوال فلا يقاس على الخرس الأصلي . ثم اعلم أن هذا في كتابة غير مرسومة : أي غير معتادة ، لما في التبيين وغيره أن الكتاب على ثلاث مراتب : مستبين مرسوم وهو أن يكون معنونا : أي مصدرا بالعنوان ، وهو أن يكتب في صدره من فلان إلى فلان على ما جرب به العادة فهذا كالنطق فلزم حجة . ومستبين غير مرسوم كالكتابة على الجدران وأوراق الأشجار أو على الكاغد لا على الوجه المعتاد ، فلا يكون حجة إلا بانضمام شئ آخر إليه كالنية والاشهاد عليه والاملاء على الغير حتى يكتبه ، لان الكتابة قد تكون للتجربة ونحوها ، وبهذه الأشياء تتعين الجهة ، وقبل الاملاء بلا إشهاد لا يكون حجة ، والأول أظهر . وغير مستبين كالكتابة على الهواء أو الماء وهو بمنزلة كلام غير مسموع ولا يثبت به شئ من الاحكام وإن نوى إه . والحاصل : أن الأول صريح ، والثاني كناية ، والثالث لغو ، وبقي صورة رابعة عقلية لا وجود لها ، وهي مرسوم غير مستبين ، وهذا كله في الناطق ففي غيره بالأولى ، لكن في الدر المنتقى عن الأشباه أنه في حق الأخرس يشترط أن يكون معنونا وإن لم يكن لغائب اه . وظاهره أن المعنون من الناطق الحاضر غير معتبر .