الإباحة أو التوقف ) المختار الأول عند الجمهور من الحنفية والشافعية كما صرح به المحقق ابن الهمام في تحرير الأصول . قوله : ( فيفهم منه حكم النبات ) وهو الإباحة على المختار أو التوقف ، وفيه إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره ، وإلا لم يصح إدخاله تحت القاعدة المذكورة ولذا أمر بالتنبه . قوله : ( وقد كرهه شيخنا العمادي في هديته ) أقول : ظاهر كلام العمادي أنه مكروه تحريما ويفسق متعاطيه ، فإنه قال في فصل الجماعة : ويكره الاقتداء بالمعروف بأكل الربا أو شئ من المحرمات ، أو يداوم الاسرار على شئ من البدع المكروهات كالدخان المبتدع في هذا الزمان ولا سيما بعد صدور منع السلطان ا ه . ورد عليه سيدنا عبد الغني في شرح الهدية بما حاصله ما قدمناه ، فقول الشارح إلحاقا له بالثوم والبصل فيه نظر ، إذ لا يناسب كلام العمادي . نعم إلحاقه بما ذكر هو الانصاف . قال أبو السعود : فتكون الكراهة تنزيهية ، والمكروه تنزيها بجامع الإباحة ا ه . وقال ط : ويؤخذ منه كراهة التحريم في المسجد للنهي الوارد في الثوم والبصل وهو ملحق بهما ، والظاهر كراهة تعاطيه حال القراءة لما فيه من الاخلال بتعظيم كتاب الله تعالى ا ه . قوله : ( وممن جزم الخ ) قد علمت إجماع العلماء على ذلك . تتمة : لم يتكلم على حكم قهوة البن ، وقد حرمها بعضهم ولا وجه له كما في تبيين المحارم وفتاوى المصنف وحاشية الأشباه للرملي . قال شيخ الشارح النجم الغزي في تاريخه في ترجمة أبي بكر بن عبد الله الشاذلي المعروف بالعيدروس : إنه أول من اتخذ القهوة لما مر في سياحته بشجر البن فاقتات من ثمره ، فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة ، فاتخذه قوتا وطعاما وأرشد أتباعه إليه ، ثم انتشرت في البلاد ، واختلف العلماء في أول القرن العاشر : فحرمها جماعة ترجح عندهم أنها مضرة آخرهم بالشام والد شيخنا العيتاوي والقطب بن سلطان الحنفي وبمصر أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي تبعا لأبيه ، والأكثرون إلى أنها مباحة ، وانعقد الاجماع بعدهم على ذلك ، وأما ما ينضم إليها من المحرمات فلا شبهة في تحريمه ا ه ملخصا . خاتمة : سئل ابن حجر المكي عمن ابتلى بأكل نحو الأفيون وصار إن لم يأكل منه هلك . فأجاب : إن علم ذلك قطعا حل له ، بل وجب لاضطراره إلى إبقاء روحه كالميتة لمضطر ، ويجب عليه التدريج في تنقيصه شيئا فشيئا حتى يزول تولع المعدة به من غير أن تشعر ، فإن ترك ذلك فهو آثم فاسق ا ه ملخصا . قال الرملي : وقواعدنا لا تخالفه . فرع : قدمنا في الحظر والإباحة عن التتارخانية أنه لا بأس بشرب ما يذهب بالعقل لقطع نحو أكله . أقول : ينبغي تقييده بغير الخمر ، وظاهره أنه لا يتقيد بنحو بنج من غير المائع ، وقيده به الشافعية ، والله تعالى أعلم .